وَلَمَّـا تَلاقَيْنَـا تَـحَـدَّرَ دَمْعُـهُ
أمِنَ الشَّوْقِ تَبْكِي لِلسِّنِيـنِ السَّوَالِـفِ
تَقُولُ وَفِيهَـا الشَّجْـوُ بَـادٍ وَبَيِّـنٌ
أَظُنُّكَ بَعْدَ الصَّـرْمِ لَسْـتَ بِعَارِفِـي
أَنَا حِبُّكَ الأُولَى فَمَـا لَـكَ سَـارِحٌ
وَتَرْمِقُنِي شَـزْرَاً بِنَظْـرَةِ خَائِـفِ
فَقُلْتُ لَهَا طَالَ الزَّمَـانُ وَغَـادَرَتْ
وَشَائِـجُ مَحْبُـوبٍ وَأُلْفَـةُ آلِــفِ
فَقَالَتْ نَعَمْ وَلّى وَصَعْـبٌ رُجُوعُـهُ
وَلَكِنَّهَـا ذِكْـرَى وَوَقْفَـةُ وَاقِــفِ
وُقُوفَا عَلَى الْعَهْدِ الجَمِيلِ وَقَدْ مَضَى
فَيَا نَفْسَ مُلْتَاعٍ وَيَـا قَلْـبَ وَاجِـفِ
وَيَا شَوْقَ مُشْتَـاقٍ وَقَسْـوَةَ هَاجِـرٍ
وَيَا رُوحَ مُعْتَلٍ وَيَا صَـدَّ عَـازِفِ
وَيَا لَهْفَ مَنْ يَبْكِي عَلَيْـكَ تَوَجُّعَـاً
مَـرَارَةُ مَأْسُـوفٍ وَدَمْعَـةُ آسِـفِ
مَتَى أَذْكُـرُ الأُيَّـامَ أَذْكُـرُ عَهْدَهَـا
وَأَجْتَرُّ مِنْ حُزْنِي جَمِيـعَ المَوَاقِـفِ
وَأَذْكُـرُ رَبْعَـاً عَافِيَـا وَرُسُومَهـا
وَأَطْلالَهَـا لا سِيَّمَـا بِالمَصَـائِـفِ
وَأَذْكُرُ أَصْـوَاتَ الرَّحَـى بِنَهَارِهَـا
وَصَوْتَ قَطِيعِ القَوْمِ عِنْدَ المَشَـارِفِ
وَأَذْكُرُ جَمْعَ القَـوْمِ حِيـنَ يَضُمُّهُـمْ
مَسَاءَاتُهُـمْ مَمْـزُوجَـةً بِالتَّـآلُـفِ
مَتَى مَا أَوَوْا يَأْوُونَ حُبَّـاً وَرَحْمَـةً
فَـلا ذَاكَ مَحْـزُونٌ وَلا ذَا بِخَائِـفِ
قَضَى اللهُ أَنْ تَمْضِي السِنِينُ وَتَنْقَضِي
وَيَبْقَى لَنَا بِالْوَجْـدِ غُصَّـةُ وَاقِـفِ
وَأَذْكُرُ مِنْ مَعْشُوقَةِ القَلْـبِ حُسْنَهَـا
فَطَلْعَتُهَا تَزْدَانُ فِي وَصْفِ وَاصِـفِ
أُقَبِّلُهَـا حِينَـاً وَأَرْشُـفُ رِيقَـهَـا
حَلاوَةَ مَرْشُـوفٍ وَنَشْـوَةَ رَاشِـفِ
وَأَلْثَمُ مِنْهَـا الثَّغْـرَ وَالثَّغْـرُ بَاسِـمٌ
لِقَاءَاتُنَـا مَشْحُـونَـةٌ بِالعَـوَاطِـفِ
إِذَا مَا الْتَقَيْنَا فَالهَوَى بَـانَ وَانْجَلَـى
وَإِنْ نَفْتَرِقْ عَادَ الهَوَى كَالْعَوَاصِـفِ
يُضَوِّعُ مِنْهَا الـوَرْسُ حِيـنَ يَلِفُّنَـا
مَسَاءَُ أَحَادِيـثِ الـوَدُودِ المُلاطِـفِ
وَتَشْغَلُنَـا بِالحُـبِّ يَغْمُرُنَـا الهَنَـا
وِدَادُ خَفِيفِ الظِّلِّ لا حُـبُّ زَائِـفِ
لَهَا العُمْرُ إِنْ شَاءَتْ هَدِيَّـةَ عَاشِـقِ
وَأُرْخِصُ فِيهَا الرُّوحَ تِلْـكَ مَوَاقِفِـي
تُقَدِّمُهَـا قَــوْمٌ وَقَــوْمٌ تَعُـدُّهَـا
مُحَرَّمَـةً قَطْعَـا وَإِثْـمَ مُـقَـارِفِ
يُحَرِّكُهَا المِحْمَاسُ إِنْ حَـانَ قَلْيُهَـا
وَيَطْحَنُهَا الطَّحَّانُ بَيْـنَ المَعَـارِفِ
وَيَصْنَعُهَـا كَـفٌّ تَمَـرَّسَ صُنْعَهَـا
ويَحْضُنُهَـا الفِنْجَـانُ دُونَ تَكَلُّـفِ
هِيَ القَهْوَةُ السَّمْرَاءُ أَغْرَتْ قريحَتِـيل
أَنْعَتَهَـا نَعْتَـاً بِأَبْيَـاتِ وَاصِــفِ
سَلامَاً عَلَى البُّـنِ الجَمِيـلِ تَحِيَّـةً
وَلِلْقَهْوَةِ السَّمْرَاءِ شَـوْقُ العَوَاطِـفِ