سكتت وأدركها الصباح، وعاد للمقهى الحزين
كالسائل المحروم، كالحلزون
ينتظر المساء
وغدا ستوصد بابها في وجهه، ويعود للمقهى الحزين
ولا يعود
كالسائل المحروم ينتظر المساء
ولربما سيقول عنه الآخرون ويهزأون
من سره المدفون:
“أفاق لئيم!”
ويضحكون ويوصدون
أبوابهم في وجهه، ويعود للمقهى الحزين
كالبيذق المخذول
كالحلزون يحلم بالمراعي والحقول
بالشمس تجنح للأفول
وبالفيافي الموحشات، وبالرحيل
ونبي قريته، وصوت (العمدة) القاسي النحيل
وبالسنابل والربيع
ورضيع جارته الوديع
ويستفيق
على صدى مذياع مقهاه الحزين
يعلو ويعلو فوق صوت الاخرين:
” من آخر البستان بل من آخر الدنيا
وفي الطريق
البرد والعربات والليل الطويل
ومنازل الموتى، وشحاذ هزيل
ونوافذ بيض، منورة وآلاف النجوم
تخبو وطائرة تحوم
ويعود يحلم بالمراعي والحقول
كالبيذق المخذول، كالحلزون
يحلم بالحقول
ويستفيق
على صدى مذياع مقهاه الحزين
يعلو ويعلو فوق صوت الآخرين:
“الفجر رغم تمائم الموتى قريب”
وفي الطريق
الليل والعربات والفجر القريب
ويعود يحلم بالفيافي والسماء
وبالمساء وباللقاء
وبقهقهات الآخرين
والباب يوصد دونه والبرد والمقهى الحزين
وبالسعال تسحه رئتاه والدم والظلال
وبالرجال الضائعين
يتشاجرون ويضحكون ويوصدون
أبوابهم في وجهه، ويعود للمقهى الحزين ولا يعود
كالسائل المحروم ينتظر المساء