اقام بيت الشعر بالمفرق في الشمـال الشرقي للأردن بالتعاون مع منـتـدى البيت
العربي الثقافي في مقره بعمان، مساء الثلاثاء الماضي أمسية شعرية أحياها
الشاعر نزار عوني اللبدي والشاعرة مريم الصيفي والشاعر عادل الترتير بحضور
عدد من الشعراء والكتاب ومحبي الشعر .
ادارت الامسية الأديبة ميرنا حتقوة التي وجهت في البداية تحية لمنشيء بيوت
الشعر في الوطن العربي، ثم رحبت بالشعراء والحضور.
وتقدم بعد ذلك الشعراء؛ فقدموا قصائد تفيض إبداعا وجمالا، وكان مما
قرأ الشاعر نزار اللبدي :
تداعيات مواطن لا يعرف النوم،،
على حافة الكونِ، في آخر الليلِ،
أرقبُ ما قد يجيئُ،
انتظاراً أموتُ،
وأعلمُ أنّ المواسمَ – في قبضةِ الغيبِ-
شوكاً تكونُ،
يراودني النومُ، أفتحُ عينيَّ؛
هذا الزمانُ لمن يكتبونَ على الماءِ،
والنومُ يعلمُ أنّي أقاومُ، كي لا يضيعَ انتظاري.
تدفّقتُ في الأرضِ،
في طبقاتِ الرمالِ تسرّبتُ،
ذاك الترابُ القديمِ تحوّلَ رملاً.
تسرّبتُ حتى احتوتني الصخورُ،
ولا بذرةٌ ترقبُ الماءَ،
ماذا سنأكلُ بعد انكشافِ الغبارِ؟
يهاجمني النومُ،
صبراً!
إذن لا أنامُ وبيني وبين اتّحادي بحلمي عيونُ المغولِ،
سُدىً أتوزّعُ خبزاً وحُبّاً،
جياعُ الزمانِ الرديءِ يصومون كي يفطر الآخرونَ.
تثاءبَ، حين اتَكأتُ على قلمي، النومُ:
أيقنَ أني نجوتُ،
وأنّي – انتظاراً – أموتُ لما لن يجيءَ،
وأبقى على حافةِ الليلِ في آخر الكونِ،
أعلمُ أنَّ المواسمَ صينتْ لسربِ الجرادِ المُخبّأِ
في ظُلُماتِ صناديقنا اللامعةْ!
تغطُّ الثواني بنومٍ عميقٍ،
وأخرجُ للشمسِ / علَّ نهاراً جديداً يكونُ/
ولكنها صخرةُ العُمْرِ تربضُ في أسفل السفحِ،
واللافتاتُ تحدِّقُ فيِّ،
توقَّفَ هذا الزمانُ كثيـ يـ يـ يـراً ، تعفَّنَ فيَّ،
وأدركتُ عُقمَ انتظاري لمن سيجيءُ،
ولا رأسَ يحملُ سرَّ الخلاصِ على كتفيهِ،
سأدفعُ صخرةَ عمري
إلى حيثُ تهوي إلى السفحِ،
واللافتاتُ تسدُّ الطريقَ إلى الشمسِ،
أدفعُ صخرةَ عمري،
توحّدتُ فيها؛ غدونا حميمين حتى النخاعِ،
وماذا لوَ اَنّي وصلتُ إلى قمتي المستحيلةِ، ثمّ…
/ تجمّدتُ رعباً /
إذن ينقضي العمر موتاً خفيّاً،
إذن أدفعُ الصخرةَ المستحيلةَ،
كي أمنحَ العمرَ طعماً جديداً لكلِّ نهارٍ جديدٍ،
وكي لا أكونَ جداراً تُقرفصُ في وجهه اللافتاتُ
التي تمنحُ الوعدَ للظامئينَ، ولا تمنحُ الصدقَ للواعدينَ.
تكوّرتُ قبضةَ همٍّ ولوّحتُ في وجهِ جوعي،
فحدَّقَ فيَّ الجميعُ،
تواريتُ خلفَ اعتذارٍ بليدٍ،
تحسستُ أطرافَ صخرةِ عمري،
تجمّعتُ حزناً نقيّاً، نظرتُ:
الطريقُ طويلٌ إلى فوقُ،
أطولُ منهُ إلى تحتُ،
لابدَّ أن نستمرَّ،
اقتربنا من القمةِ المستحيلةِ.
أضبطُ دقّاتِ قلبي،
أقيسُ المسافةَ للسفحِ،
(تبدو الحياةُ على ما يرامُ هناكَ، ولن يشعروا بانهياري عليهم،
وفي غمرةِ اللافتاتِ أضيعُ، وألعقُ جرحي، ولا يعلمونَ..)
تهاويتُ، صوتُ ارتطامي خفيٌّ،
تسللتُ من بين أقدامهم؛
يسكرون على جثّتي،
يكسرون الكؤوس على صخرتي،
وأنا، لا أنامُ،
وفي جبهتي تشرقُ الشمسُ،
والنارُ في أضلعي ساطعةْ!!
وقرأت الشاعرة مريم الصيفي وكان منه:
إلى رحمات الله السابغات.. إلى فقيدنا أبي عمرو رحمه الله وأسكنه فسيح
الجنان
ماذا أقولُ ودمعُ العينِ قد نضبا
والنارُ في القلبِ كم أوقدتَها لهبا
حانَ الغيابُ وما أمهلتَ دمعتَنا
فسالَ نهرٌ من الأحزانِ وانسكبا
وضجَّ في القلبِ حزنٌ بانَ أوَّلُهُ
لكنَّ آخرَهُ في القلبِ قد حُجِبا
رفيقَ دربٍ طويلٍ شمسهُ طلعتْ
فأشرقتْ في ثنايا العمرِ مذْ قرُبا
وضاءَ دربٌ طويلٌ فيهِ كم لمعتْ
كواكبٌ مشرقاتُ النورِ ما احتجبا
ضوءٌ ولا ذبلتْ من شمسِهِ خصلٌ
بل أمرعَ الخصبُ في بستانِها عجبَا
وأدفأَ العشَّ أحبابٌ لنا سطعتْ
أقمارُهم حين هلُّوا .والفؤادُ صبا
تدفَّقَ الفرحُ الورديُّ وانبثقتْ
من مهجةِ القلبِ أنغامٌ بها طرِبا
ترعرعوا ونموْا حضنِ تربيةٍ
قد شئتَها كي يكونوا للعلا سببا
ما خابَ ظنُّكَ قد أحسنتَ تربيةً
هاهم لنا الذخرُ حينَ الدربُ قد صعُبا
كم تفرحُ الروحُ حينَ البرُّ يدفعُهمْ
كي يُفرِحونا بما شاءوا وما عذُبا
نمْ هانئًا .نم قريرَ العينِ ساكنَها
واهنأْ بما شِئتَ من جناتِهِ رُطَبا
الحمدُ للهِ أن حقَّقتَ ما رغبتْ
بهِ مدى العمرِ روحٌ أيقنتْ طلبا
هاهم بنوك على الإخلاصِ قد جُبلوا
بهم لنا الفخرُ طولَ العمرِ ما نضُبا
الحمدُ للهِ كم أعطاكَ من نِعَمٍ
فالشكرُ للهِ ما أعطى وما وهبا
يا طيِّبَ القلبِ كم مِن دعوةٍ صدرتْ
عمَّنْ أحبُّوكَ..إنَّ
القلبَ ما كذبا
أحبابُكَ الكُثرُ كم فاضتْ بأعينهمْ
دموعُ فقدِكَ حزنًا صدعَنا رأبا
كم يذكروكَ بكلِّ الطيبِ يحملُهُ
قلبٌ نقيٌّ بكلِّ الحبِّ قد رحُبا
هو القضاءُ من اللهِ الذي حمدتْ
قلوبُنا فضلَهُ حتى وإن سلبا
وكلُّنا أملٌ في فيضِ نعمتِهِ
لكَ الجنانُ وفضلُ اللهِ قد كُتِبا
نمْ هانِئَ الروحِ مرضِيًّا بنعمتِهِ
ورحمةٍ منهُ إنَّ الشكرَ قد وجبا
ثم جاء دور الشاعر الشاب عادل الترتير، فقرأ :
هذا أنا
والموت مني قد دنا
وكأن أزرار التراب تفتحت
لتوسد الجسد الممزق بالغياب
وكأن حبات الرمال تلاحقت
تنهال تقتل بعضها من كل باب…
هذا أنا…
الموت أحيانا ينادي أهله
فالموت يعوي بي:تعال
والروح تعبق بالحياة
أنا من يقال بأنه نجم
يضيئ على سواه
أنا قدوة أمشي فيمشي
الكل مندفعا وراه
واليوم…
تقتلني الرواية
والحكاية
والقصيدة
والخديعة
والحياة اللا حياة
أنا ميت في عيشه
تاهت خطاه..
في نهاية الأمسية تم التقاط الصور التذكارية