لها ألفُ وجهٍ ..
لها قامة من دُخانْ
أتتْ والمرايا مهشّمةٌ،
والقناديلُ كالماسِ
مُنْتَبِهٌ في المكانْ
أراها بكل الشّظايا،
وداخلَ قلبي،
وخارجَ هذا الزمانْ.
أُلملِمُ رأسي،
أعيدُ الحكايةَ من بِدْئِها ..
منذُ أنْ ودّعتْني
ومُنذُ خرجتُ،
ومنذُ تركتُ لديها الكلامَ الذي لمْْ أقُلهُ،
ومنذُ ومنذُ ..
هنالِكَ،
كان اللقاءُ الذي زمّلتهُ الطفولةُ بالخوفِ
كنتُ أودُّ مُصافحةَ الحلمِ،
كنتُ أتوقُ إلى ذلكَ الصّعبِ،
تلك العيونِ التي تسترقُّ المساءَ،
ويسهرُ فيها المساءْ.
أراها خلالَ القناديلِ
أشرعةً لا تؤوبُ إلى ساحلٍ ..
ويكَ يا قلبُ،
ماذا دهاكَ
تلاحِقُ هذا الرّهامْ ..؟
إلامَ تُعَنِّفُني بإقْتفاءِ الظِّلالِ،
وفيك ظَلالُ الخليقةِ.
ويكَ أضعتَ النجومَ،
فعُدْتَ بلا وُجهةٍ ..
تتأبّطُ شطرَ الغيابِ الأخيرْ.
خلالَ القناديلِ وهي مُحَطَّمَةٌ،
تهتدي بانْطفاءاتِ تلكَ الشّظايا.
وبينَ المرايا تدورُ بهذا الرّكامْ.
تُناديكَ من كل فجٍّ،
تُحَنّيكَ بالألمِ المُسْتطابِ،
تمنّيك بالمسكِ والهفواتِ الحنونةِ،
تَخْضَرُّ بين ذراعيك ثم تغيبْ.
سماويّةٌ لا تُمسّ ..
لها هالةٌ من مشيجِ السّهارى،
لها السّنْبُلاتُ تُطأْطِئُ
حين تُطِلُّ من الشّرُفاتِ البعيدةِ بالخِصْبِ،
تلك التي حارَ فيها الضّباب الشّفيفُ على مُقلتيَّ،
فصرتُ أراها خلالَ الدّموعِ،
نجوماً يغُصُّ بها الليلُ ..
ياليلُ،
هاتِ نُجَيْمَتيَ المُستَحمّةَ بالشمسِ
تلك التي تُصهِرُ الخَلَجاتِ الخجولةَ بين جناحَيّ
حتى أفيض مواسمَ للحُلمِ …
ياليلُ،
رُدّ إليّ الحُصونَ التي دمّرتها الرّياحُ،
فظهريَ دونَ غطاءٍ ..
تُراوِدُني في المنامِ بلادي،
فَيَنْشطرُ القلبُ.
ياليلُ
رُدّ نُجيمتيَ المُستحمَّةَ بالشمسِ ،
حتى تضيقَ المسافةُ
مابينَ قلبي وقلبي ..
سئِمتُ الفراغاتِ بين السّطورِ ..
سأملأها بالتهجّدِ والتمتماتِ،
كما تفْعلُ الرّيحُ،
حين تُهدهدُ أوراقنا الذابلةْ.
سأكتبُ ماقالهُ الصّمتُ،
يوم توادَعَ فينا الرّمادُ.
أنا لا أقولُ انْتَهَيْنا ..
ولكنّهُ البدءُ يُرْعِبُني ،
كلّما همّتِ المعجزاتُ ببابي
وهَمّ السّهادُ.
تقولُ أهابُك،
كيفَ،
وفِيّ الْتِقاءُ الفَراشِ المُرَوّعِ
عند انعقادِ الزّهورِ،
وفِيّ الحصادُ ؟
تقولُ تأخّرتَ،
والناسُ قد بَلَغوا ..
قلتُ قد بُلِّغوا مايُرادُ،
وما بَلَغوا ما أرَادوا ..
وحيداً،
ولا بأس،
سوف أسيرُ
فكوني ..
وإلاّ فَبَعْدَ النجومِ نجومٌ
ستظهرُ قبلَ الصباحِ
وبعد البلادِ بلادُ.