ما أَشْرَقَتْ عَيْنَاكِ إلاّ خانَني
بِصَبابَتي.. صَبْري.. وَحُسْنُ تَجَمُّلي
وَتَحَسَّسَتْ كَفّايَ مِنْ أَلَمِ الجَوى
سَهْماً مَغارِسُ نَصْلِهِ في مَقْتَلي
وَتَسارَعَتْ مِنْ مُهجَتي في وَجْنَتي
حُمْرُ المَدامِعِ جَدْوَلاً في جَدْوَلِ
فَلَقَدْ رَأَيْتُ بِلَحْظِ عَيْنِكِ إِذْ رَنَتْ
والتِيهُ يَكْحَلُها بِميلِ تَدَلُّلِ
“حَيْفا” وَشاطِئَها الحَبيبَ، وَسَفْحَها،
وَذُرىً تعالتْ لِلسِّماكِ الأَعْزَلِ
وَمُنىً تَقَضَّتْ في فَسيحِ رِحابِها
وَهَوىً تَوَلّى في الشَّبابِ الأَوَّلِ
وَرَأَيْتُ هَيْمَنَةَ الأَمانِ مُطَمْأَنَ
اللَّهَفاتِ مِنْ غَدْرِ الصُّروفِ الحُوَّلِ
بِظِلالِ أَهْدابٍ تَرِفُّ غَضارَةً
كَظِلالِ أَهْدابِ الغَمامِ المُثْقَلِ
وَذَكَرْتُ مِنْ عُمُرِ النَّعيمِ مَضاءَهُ
بِصِبىً على رُودِ الليالي مُعْجَلِ
وَالعيشُ بُسْتانٌ وَبَسْمَةُ سَعْدِهِ
فَجْرٌ بِأَفْراحِ المَشارِقِ يَنْجَلي..
وَالنَّجْمُ يَسْحَبُ مِنْ مَشارِفِ أُفْقِهِ
ذَيْلَ الإِباءِ إِلى مَشارِفِ مَنْزِلي
عَيْنٌ رَأَيْتُ بِسِحْرِها وَفُتونِها
أَحْلامَ عَهْدٍ بالصَّفاءِ مُظَلّلِ
وَلَمَحْتُ بَيْنَ سَوادِها وَبَياضِها
ظِلَّ الصَّنَوْبَرِ في أَعالي “الكَرْمِلِ”
فَعَلى جُفونِكِ لاحَ طَيْفُ رَبيعِهِ
وَالحُسْنُ يُوطِئُهُ بِساطَ المُخْمَلِ
والسَّوْسَنُ المَطْلولُ بَيْنَ صُخورِهِ
خَفِقُ العِطافِ على أَغاني البُلْبُلِ
وَمَضاجِعُ الأَحْبابِ في أَحْضانِهِ
بَيْنَ الخمائِلِ مِنْ حَريرٍ مَوْصِلي
والرّيحُ تَشّدو في مَلاعِبِ دَوْحِهِ
نَغَمَاً تَنامُ لَهُ عُيُونُ العُذَّلِ
جَبَلٌ أَطَلَّ عَلى مَرابِعِ أُنْسِهِ
قَمَري.. وَغابَ وَتِمُّه لَمْ يَكْمَلِ
وَغَرَسْتُ بَيْنَ شِعافِهِ وَشِعابِهِ
زَهْرَ الصِّبا وَرَوَيْتُهُ مِنْ سَلْسَلَي
وَرَعَيْتُهُ بالرُّوحِ مِنْ لَفْحٍ.. وَمِنْ
نَفْحٍ وَمِنْ غِيَرِ الزَّمانِ النُّزَّلِ
فَنَما عَلى جُهْدِ الضَّنى.. وَعَنائِهِ
وَزَكا عَلى جُرْحٍ عَسِيرِ المَحْمَلِ
حَتَّى اسْتَوَى سُوقاً.. وَهَدْهَدَ خاطِري
مَجْنىً.. وَأَكْمامُ الرَّجاءِ بَسَمْنَ لي
قَطَفَتْهُ كَفٌّ غَيْرُ كَفِّي عَنْوَةً
وَجَناهُ مِنْ أَرْضي غَريبُ المِنْجَلِ!
فَإذا رَنَوْتُ إِلى لِحاظِكِ تائِهاً
مِنْ سِرِّها في جُنْحِ لَيْلٍ أَلْيَلِ
مُتَعَثِّرَ اللَّحَظاتِ، مَشْدُوهَ الأَسى
أَهفو لِحَظٍّ مُدْبرٍ أَوْ مُقْبِلِ
وَأَنا أَرودُ بِلَهْفَتي وَصَبابَتي
أَلْقَ السَّنى مِنْ وَجْهِكِ المُتَهَلِّلِ
فَتَلَفَّتي، لا تَعْطِفي جِيدَ الحَيا
عَنّي، فَفي عَيْنَيْكِ غايةُ مَأْمَلي..!