مرَّ الغمامُ على سُهدي فأيقـــظني
واجتاحني مطرُ التذكار في العلنِ
نادانِيَ العـابِرُ الموشومُ في مُقَلِي
يمشي بظلِّي يجوسُ النبضَ: يا ابن منِ
قُمْ يا دليلَ الرُّؤى فالقومُ سامرُهم
أَرخى زمامَ السُّرَى في الجفنِ للوسنِ
هذا مَــــقَامُ العُبُورِ الآنَ يجمعنَا
يا صاحبَ الجَفْنِ خلِّ الجفنَ يأخذني
خمسونَ مَرَّتْ و هـــــــذا القلبُ متكئٌ
تحت الغمام بكأس الحبِّ يشربُني
خمسون مرَّتْ،و ذاتُ القلب ما نُبِذَتْ
بِالسُّكْرِ آيتُه، و الكأسُ ينبذني
يمضي الى الهدف المنشودِ تكْنُفُه
خمرُ المعاني و خمرُ الحبِّ تُسْلِمُني
حين انتشيت رأيت العمر قـــــافلة
قد لـــــــوَّحت بالرحيل الآن تتــــــركني
يا أيها الوجـــــــــع الموجوع معــــــذرة
هذي الهيولى بعمق الذات تحضرني
رجْعُ الصدى صلفٌ في المدِّ منتشرٌ
قد صمَّ آذان من ناموا عن الوهن
حتى انتشرتُ كما هذي السماء هنا
واجتحتُ أحجيةً في الرِّيحِ تَزرعني
إنِّي الغـــــــــمامُ وإني واقفٌ أبـــدا
والجهدُ والسُّهْدُ والذِّكرَى هنَا وَطَنِي
أهرقتُ للــزَّمن الطُّــــــــــــوفان محبـرتي
أرخيتُ ستـر المرايا… لذتُ بالدمنِ
شَيَّدتُنِـي و طنًا و الكلُّ يســـــــــكُنُنـِي
يا صاحب الحبِّ هذا الحبُّ من سُنَنِي
إني الشهــــــــــــــيدُ و هذي الروح واقفة
عـــــند المعـارج نحو الله تحملني
قد زَغْرَدَتْ وَ انْتَشَتْ…حثَّتْ مَسِيرَتَهَا
و استبشرت برؤاي الآن تلبسني
֍
يا صاحبَ الأفق هذا الأفق حارتنا
فيها و منها عرفنا ريحَ ذي المدنِ
فيها و منها مشينا العمر، حافية
تلك الأماني… و ذاك الوجد لم يهنِ
ما زال في الكفِّ روحٌ منه ساجدة
فوق السحاب تُبَاهــي السرَّ بالعلن
ما زال قلبي على الغمـــــــام متكئا
يقـــــــتاتُ من غيمةٍ لفَّته في الكفنِ
الموت خيفتنا و الموتُ حاجتنا
و الموت حجتنا و الموتُ لم يخنِ
و الموت سيرتنا و الموت وجهتنا
و الموت وردتنا في مهمه المحنِ
و الموت سورتنا و الموت صورتنا
إذ نرتمي ومضة في رعشة البدن
تلك المـــــــــــــــــــــرايا نراها الآن تجذبــــنا
نحو العبور … نرانا خارج الزمن
نحن احتملنا صدود العمر من زمن
حانَ الزمانُ و وصل العمر لم يحن
في الأفق بسملة..قل هو.. و فاتحة
حاء الحواميم.. طاسينٌ يؤلفني
إني أرى شبهي في المـــاء.. أذكره
في السّمت، لكن أراني لست أذكرني
يرسو المكان على كفي .. فأشهدُني
طفلا تهادى بلون الريح يرسمني
فالريـــــــــــــــح تعــرف معنى أن أكون أنا
والريح تعرف معنى اللون ينكرني
والريح تعرف أيضا لــــــــون قافيتي
والريح تعرف صوتي .. الماء يعرفني
تلك المآذن، و الأفاق .. عـــــــمقهما
تلك الجراح تئنُّ الآن، ترعبــــــــــــــــــني
تلك المآسي بقلب الأرض مثقلة
مثل العماليق .. ذاك الليل يحجبني
إني أرى بيدي ظِلَّ المكان.. أرى
كل المشــــــــــاهد في الطوفان تغمرني
صوتي يؤجِّجُهُ قلبـي، على بلدي
ألقى اليقين… و شدَّ الكفَّ بالكفنِ
إنِّي على وطنـي ألقيت محبـرتي
حوَّلْتُها عــــــــــــلمًا في الأفْقِ يحملني
يا أيها الوطــــن الممتد في قلمي
عذرا … فإنِّي أموت الآن يا وطني
عذرا … فإنِّي أموت الآن يا وطني
عذرا …
فإنِّي أموت الآن يا وطني
عذرا …
فإنِّي أموت الآن
يا وطني .