أقولُ.. ولستُ أدري ما أقولُ
فليْ قلبٌ.. يحاصرهُ الذهولُ
يتيهُ الوردُ.. في كفِّ العذارَى
ويُرمَى.. حين يُدركُهُ الأفولُ
يَصُبُّ رحيقَهُ بثغور نحلٍ
فتنساهُ، ويذكـرهُ النُّحولُ
إذا ما الوردُ أهـدانا عبيرًا
سلوا الأيدي.. إلى ماذا يَؤُولُ؟!
إذا ما وردةٌ ضحكتْ.. ستبكِي
بباقتنا، وتنعاها الحقـولُ
يدُّ العطّار.. تُفنِي الحقل صبحًا
لتمسيَ في زجاجتهِ الفلولُ
يقول الورد: إنَّ الحبَّ طبعٌ
ولكــنّ الزجاجــة.. لا تقــولُ!
برغم نقوشها.. ستظلُّ أَسْرًا!
فهل تُغني نقوشٌ، أو شُكولُ؟!
إذا ما وردةٌ شَمختْ، وراقت..
يناجيها مع الطفل الكهولُ!
وإنْ رَقَّتْ أمانيها، المنايا
تحاصرها، ويحصدها الذبولُ!
وقال الشوك: سوف أَظلُّ أحمي،
ورغم الشوك.. وردتنا تطولُ!
سيبقى الشوك.. ما بقيت بنانٌ
ويبقى الورد.. ما بقيَ العذولُ
فكم ذا عطّر الوادي شذاهُ!
وكم ذا سوف تخنقهُ الوحولُ!
وإنْ عَصفتْ بهذا الورد هُوجٌ
وفرّق شمله الساجيْ.. الشَّمولُ
سترتحلُ الوِرادُ بلا وداعٍ
ويبقَى الشوك.. منفردًا.. يصولُ
ولن تتمايلَ الأغصانُ نشوَى
ترقّصها النسائم، والطبول
إذا هبَّ النسيم على وِرادٍ
تذوبُ همومُ دنيانا.. تزولُ
ونغرقُ في بحور العطر.. نشدو
ونطربُ.. حين يُشجينا الخليلُ
تُغرّدُ مزنةٌ.. تهمِي لحونًا
وتهتزّ الخمائل، والحقولُ
هنا يتراقصُ الشلال، تجثو
هناك بحيرةٌ، تحبو سيولُ
يحبُّ الوردُ أنْ يَلقَى نسيمًا
ويكرهُ كلَّ عاصفةٍ تصولُ
سأفتحُ للنسيم العذب بابًا
ولن أدَعَ الغبار به يجولُ
رأيتُ الورد مبتسمًا.. يناجِي
فراشاتٍ، وأجفانًا تجولُ!
يُقبّلُهُ النَّدَى شغفًا.. فيحنو
ويُحنيهِ التواضعُ.. لا الخمولُ!
عيون العاشقين.. لهُ إطارٌ
وغير الشَّهدِ ليس له رسولُ
إذا أغرَى الجمالُ فضولَ غِـــرّ
ولم يَحذرْ.. ستدميهِ النُّصولُ
طريق الشوك.. لا يثني مُحبًّا
غدًا سيكون للقمم الوصولُ
هناك.. تَرَى الأعاليَ قد كَسَتْها
خدودُ الورد.. داعَبها العَليلُ
وسوف تَرَى السحابَ.. يَمدُّ كفًّا
ومن جفنيهِ ينهمرُ الأصيلُ
وأحداق الخمائل حين تلهو
يداعبُ جفنَها ظبيٌ خجولُ
مهفهفةٌ يغار الوردُ منها
بنفسيْ ذلك الورد الجميلُ
إذا خجِلتْ.. تُريكَ حقولَ وردٍ
بنفسيْ الوردُ تَحضنُهُ الحقولُ!
وإنْ بَسمتْ.. عبيرُ الورد يَهمِي
فيا لله هاتيك السيولُ!
نصحتكَ.. لا تكنْ نجمًا.. تَمَهَّلْ
فإنّ النجمَ يُدركهُ الأفولُ
وكن نُورًا.. سما فوق الأعالي
وحينًا.. تحتوي النورَ الوحولُ
ولا تكُ سابقًا في كل شأنٍ
رويدًا.. كي ترَى ماذا يجولُ؟
وكن وسطًا.. تَبَصَّرْ.. كن شهيدًا
فواسطة العقود.. هي الدليلُ
وما أنا من ملائكةٍ كرامٍ
ولا أنا نحو إبليسٍ أَميلُ
أنا بشرٌ.. سماويٌ فؤادي
ولي في الأرض أقدامٌ تَجولُ
ولي هممٌ كبارٌ.. لا تُجارَى
ولي هممٌ.. يُجاريها الجهولُ
وأَضحكُ.. ثم أستلقي.. كطفلٍ
وأبكي.. حين تنتحرُ الخيولُ
(لساني.. صارمٌ لا عيبَ فيهِ)
ولا يَخشَى.. ولي قلبٌ خجولُ
ولا تكُ كالسحاب.. يلوحُ حينًا
فيبهرنا.. وأحيانًا يَحُولُ
وكنْ كالغيث.. إنْ ينزلْ سيصعَدْ
وإنْ مَلَّ الصعودَ.. له نزولُ
إذا الأشجار تستهويكِ.. فاحذر
سوى شجرٍ.. يقال له: النخيلُ
ولا تكُ مثل فرعٍ.. هَزَّ فأسًا
وإذ بالفأس في فرعٍ.. يصولُ
يِتيهُ أخو العناد بكلِّ فَجٍّ
إذا ما عاد للرشد الجهولُ
نصحتكَ.. لا تعاندْ دون وعيٍ
وكنْ مَرِنًا.. تَدينُ لك العقولُ
وعاندْ.. إنْ وجدتَ ذوي عنادٍ
فإنَّ العزَّ مَركبُهُ جميلُ
إذا ما كنتَ منتصرًا بحقٍّ
فليس عليك يا هذا سبيلُ
ولا تَجهرْ بسوء الفعلِ يومًا
ولكن.. إنْ ظُلمت.. لك الدليلُ
دَعِ التعقيدَ.. وابحث عن حياةٍ
بساطتُها.. هي السرُّ الأصيلُ
أظنُّ جَناح عصفورٍ.. مفيدًا
وليس تُفيدْ عنقاءٌ، وغُولُ
فخذْ عفوًا أتاكَ.. ولا تُنَقِّبْ..
ففي الأعماق.. بركانٌ مَهولُ
ومُرْ بالعُرفِ.. ما أحلاه..! واتركْ
تفاصيلاً.. تَنوءُ بها العقولُ
لنا في الدين.. أفراحٌ وبشرَى
وآمالٌ، وأحلامٌ تطولُ