يخيط هذا الليل أهدابي بالأرق، أفتح حقيبة ذكرياتي فأجد صورتك النائمة بين أوراقي، فأغدو تائها بين ملامحك التي بنت قلاعها في دمي.
مهلا.. مهلا.. هذه وردة حمراء ذابلة منحتِها لي ذات لقائنا الأول، فهل تراك تذكرين؟
حبيبتي.. كم تشرق الروح بحروفك التي تضيء عتمة وجودي، فأجدني ألهث وراء طيفك أعانقه في وحدتي..
كم اشتقت لعزف أناملك فوق شَباَّبة أيامي التي تأسرها غيمة سوداء تمطر في أوطاني.. كيف أحدثك عن شوقي إليك وشوقي قد مزقه الجلاد بسياطه، فلم أجد غير ماء أحزاني أروي به رمال غربتي.
يا لهذا التراب الذي أقدس، ويا لهذا الألم الذي يجرني فوق عربة الحلم الضائع!! فهل أنا أنا؟ أم تُراني لم أعد سوى خيال لرجل كان يكتب لك الرسائل الجميلة ذات شباب ولى؟
مر العمر فوق جسر نبضي، ولم يبق من كل ما مر غير بقايا نائمة تحت رماد حلمي.
فهل رأيتِ حزنا أكبر من حزني؟
ها أنا بعد أن كنتُ سيد نفسي، أُصبح عبدا لظروف تقيد خطاي، هربتُ من الحرب ، وأصبحت مشردا بين الحدود والحدود، وبعد أن كنت أمسك بقوة أناملَ تاريخ كان لي كي لا أضيع.. أصبحتُ بلا اسم .. ينادونني يا أنتَ..
ما أكثر الأوجاع يا حبيبتي، لكن بفضل حبك أحاول أن لا تأسرني الأحزان المنشورة كمناديل ورقية تطاردني أنى ذهبت.
وها أنا في مخيم صغير تحرق أصابعي نار الذكريات، أضع ما بقي منها بين يدي، أسامر قمرا تطلين من خلاله، فأتناسى محنتي.