لم يبق سوى بضع دقائق لمنتصف ليلة عيد الميلاد. يبدو أن المكان عنبر مهجور، أو أنها ورش خارج الخدمة، أو محطة سكة حديد قديمة؛ إذ يسمع من بعيد ذلك الضجيج التقليدي لقطار الشحن.. هنالك رجل مقيَّد إلى كرسي.. وجهه ممتقع من الرعب؛ بشرته صفراء.. عيناه محتقنتان بالدم.. لحيته لم تُحلق منذ أيام.. تغطي خديه دائرتان زرقاوان تحيطان بعينيه، وتغرقان نظرته عميقاً بصورة سيئة.. يرتعش ملتقى شفتيه بعصبية، وإلى جانبه شاب ببنطال فضفاض وقبعة صوفية، يقوم بدور الحارس، ويحمل في يده مسدس.
يُفتح باب في العمق ويدخل فتى آخر. يقول بسرعة، متلعثماً بالكلمات:
ــ جاهز، علينا أن ننفذ.
ــ أصدروا الأمر؟ ــ سأل الأول.
ــ أجل، فلننه هذا الأمر بسرعة.
تضرع الأسير، بكى، توسل، عرض أموالاً على جلاديه. لعب الشابان بقطعة عملة على دور الجلاد، صورة أم نقش. يخسر الشاب الحارس، يفحص الرصاصات في طاحون مسدسه، ويُقرّب السلاح من صدغ الأسير. وحين يوشك على ضغط الزناد يُسمع دوي ألعاب نارية، ثم يضاء المكان فجأة بأنوار شبحية متعددة الألوان.. يدير القاتل نظره وتضيع عيناه هناك في البعيد، وراء النافذة. يُخفض المسدس ويقول:
ــ فلنفعل ذلك غداً. اليوم عيد الميلاد..