مِنْ زَوايا المَنْفَذِ الضَّيِّقِ،
أَبْصَرْتُ يَداً تَكنِسُ رُكْناً مُهْمَلاً،
حَتّى إذا مَرَّ الفَتى
أَخْرَجَتِ المَرْأَةُ كَيْنونَتَها الحُبْلى،
بِلَوْنِ الدَّهْشَةِ الجارِحِ،
ثُمَّ ارْتَعَشَتْ كامْرَأَةٍ هِنْدِيَّةٍ في يَدِ بوذا،
يَنْهارُ الفَتى فَوْقَ رَصيفِ الشّارِعِ العامِرِ،
بَعْضُ المارَّةِ الأَشْرارِ يَرْمونَ الحَصى،
فَوْقَ تَماثيلِ الرُّخامِ الصّامِتَةْ..
حينَها يَنْغَلِقُ المَنْفَذُ،
بَعْضُ الباعَةِ السّودِ يَقولونَ كَلاماً مُبْهَماً،
عَنْ جُرْحِ إِفْريقْيا وعَنْ رائِحَةِ البوليسِ،
فيما الطّابَقُ العاشِرُ مِنْ مَبْنىً حَديثٍ،
مُفْعَمٍ بالفَرَحِ القابِعِ فيهِ،
حَفْلَةٌ سِرِّيَّةٌ: خُبْزَةُ سُقْراطَ،
مَرايا عَقْلِهِ والسُّمُّ في الكَأْسِ،
وما قالَتْهُ في مَقْتَلِهِ كُلُّ أَثينا،
لَمْ يَزَلْ مُسْتَتِراً في حائِطٍ،
يَحْرُسُهُ هذا الغَلَطُ الفاخِرُ..
كُلُّ الفَتَياتِ انْتَحَرَتْ في الطّابِقِ الأَوَّلِ للعالَمِ؛
تَرْعى الحِكْمَةُ التّاريخَ،
مَنْ أَقْفَلَ بَيْتَ الفَتَياتِ؟
مَنْ أَضاءَتْ يَدُهُ عاصِمَةَ الجِنِّ؟
ومَنْ صافَحَ أَنْهارَ الرَّمادْ؟
لَمْ أَقُلْ إِنَّ العَلاقاتِ انْتَهَتْ،
إنَّ الحَياةَ افْتَرَسَتْ تُفّاحَها،
إنَّ أَبا يَعْرُبَ قَدْ أَوْرَثَنا طاووسَهُ،
فانْتَفَخَتْ أَوْداجُنا تيهاً،
وإنَّ الفَنَّ والفَلْسَفَةَ احْتالا عَلَيْنا،
فَنَسينا جُثَثاً كانَتْ لَنا،
ثُمَّ نَسينا جُثَثاً كانَتْ لَهُمْ:
هُمْ أَبْصَرَتْ أَعْيُنُهُمْ خِرْقَةَ ريحٍ،
مَسَحوا حائِطَهُمْ،
حَتّى بَدَتْ خُدْعَةُ أَيْقوناتِهِمْ واضِحَةً كالحَرْبِ،
لَمْ يَبْتَكِروا شَيْئاً،
كَراسي البَرْلَمانِ الْتَهَمَتْ أَجْسامَهُمْ،
هُمْ خَدَعوا الأَشْجارَ والأَفْكارَ،
لا مَوْطِنَ يَرْتادُ الفَتى العائِدُ،
مِنْ آخِرِ حُلْمٍ مُمْكِنٍ،
سُدَّتْ طَريقُ الحَقْلِ،
شاخَ الحَرْفُ،
هولاكو قَدِ اسْتَيْقَظَ حالاً،
سُمُّ سُقْراطَ لِكُلِّ الشُّعَراءِ الطَّيِّبينْ!