شاركها
أَصْبَحْتُ..
بِوَرْطَةٍ سَاطِعَةٍ مِنَ الشَّوْقِ إِلَيْكِ
يَا حَبِيبَتِي..
ضُرِبَتْ عَلَى أَغْصَانِ قَلْبِي
قِبَابُهُ اللَّازَوَرْدِيَّةُ ..
صَفَّدَتْنِي التَّبَارِيحُ عَلَى عَتَبَاتِكِ..
وَالَّذِي كَانَ مِنَ الرُّؤْيَا عَجِيبٌ:
أَوْقَفَتْنِي
مَخْرُوطَ الرُّوحِ عَلَى مَقْصُورَةِ نُوركِ..
مُسْتَلَبَ اللُّبِّ ..
مُغْمَضَ اليَدَيْنِ..
مَسْجُورَ المَوْجِ..
تَتَنَابَعُ مِنْ صَدْرِي
فَرَاشَاتٌ قُزَحِيَّةُ الرَّفِيفِ..
تَهْتِفُ بِحُرُوفِ اسْمِكِ..
فِي شَبَقٍ رُوحِيٍّ
فَارِعِ الشَّجْوِ وَالأَنِينِ..
أَمْسِ
كَلَّمَتْنِي قِطَّةٌ فِي الطَّرِيقِ
وَأَوْصَتْنِي عَلَيْكِ خَيْراً..
عَلَى الشَّاطِئِ البَعِيدِ خَرَجَتْ
لِي مِنَ البَحْرِ
أَفْوَاجٌ مِنْ سَمَكٍ ذَهَبِيٍّ
وَحَدَّثَتْنِي عَنْكِ طَوِيلاً..
كُلُّ فَوْجٍ بِحِكَايَةٍ..
وَأَنَا رَاجِعٌ آخِرَ اللَّيْلِ
إِلَى بَيْتِي
أَوْقَفَتْنِي نَجْمَةٌ فِي المَمَرِّ الضَّيِّقِ
إِلَى حَارَتِيَ النَّائِمَةِ
وَبَاحَتْ لِي
بِسِرٍّ وَاحِدٍ مِنْ أَسْرَارِ
خُضْرَةِ بَهَائِكِ السَّمَاوِيِّ
وَحَلَّفَتْنِي أَلَّا أَبُوحَ لِأَحَدٍ بِمَا جَرَى
وَاعْتَذَرَتْ عَنْ بَوْحِهَا لِي
بِأَنَّهَا لَا تَتَحَمَّلُ وَحْدَهَا
كُلَّ جِباَلِ هَذِهِ الأَنْوَارِ..
أَرَادَتْ أَنْ
تَتَخَفَّفَ بِالفَضْفَضَةِ لِي وَالبَوْحِ ..
عَتَبَةُ بَيْتِي
مَنَعَتْنِي مِنَ المُرُورِ إِلَى الدَّاخِلِ
حَتَّى أُسَمِّيَ بِاسْمِكِ الأَعْذَبِ الأَحْلَى..
عَلَى المَائِدَةِ
نَاجَانِي رَغِيفُ الخُبْزِ:
طَهِّرْنِي بِاسْمِهَا
عَلَى شَفَتَيْكَ يَا عَاشِقُ..
أَكْرِمْنِي..
أنَا وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ إِذَ قَالَ: أَكْرِمُوا الخُبْزَ ..
فَأَنَا الخُبْزُ .. وَكَرَامَتِيَ اسْمُهَا..
اليَوْمَ
ذَهَبْتُ إِلَى الحَقْلِ أَرُشُّ السِّمَادَ..
كَلَّمَنِي السِّمَادُ فِي يَدِي..
قَالَ: اذْكُرْهَا
فَهِيَ لَكَ مِنَ الذَّاكِرِينَ..
ذَكَرْتُكِ..
أَعْلَيْتُ صَوْتِي بِذِكْرِكِ
حَتَّى تَقَاطَرَتِ العَصَافِيرُ
عَلَى كَتِفِي..
وَأَتَتْ إِلَيَّ الأَشْجَارُ..
جَلَسَتْ تَحْتَ قَدَمَيَّ فِي وَقَارٍ رَائِقٍ..
وَجَعَلَتْ تُرَدِّدُ
وَرَائِي
فِي خُشُوعٍ مُنِيبٍ..
وَشَهِدَ الحَقْلُ حَضْرَةَ ذِكْرٍ صَبَاحِيَّةِ الأَوْرَادِ وَالتَّرْنِيمِ
يَشْهَدُ هُوَ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْهَا مِنْ قَبْلُ..
هَلْ كَانَتِ الأَرَاضِي المَحْرُوثَةُ
إِلَّا قَلْبِيَ
بِالشَّوْقِ يَا مَوْلَاتِي؟!
هَلْ كَانَ الاِخْضِرَارُ الأَزْهَرُ
لِأَوْرَاقِ الكُرُنْبِ
إِلَّا مَرَايَا وَجْهِيَ
الَّذِي اخْتَلَطَتْ فِيهِ أَنْوَارُ تَجَلِّيَّاتِ فَرَاشَاتِكِ السَّمَاوِيَّةِ الصَّاعِدَةِ
فِي مَلَكُوتِ عَيْنَيْكِ المَاهِرَتَيْنِ
بِقِرَاءَةِ إِنْجِيلِ
نَفَحَاتِ حَضَرَاتِ الوَهْبِ اللَّدُنِّيِّ
الغَارِقِ فِي سُكْرِهِ
بِعَبَقِ بَخُورِ المَخْدَعِ الأَهْنَى
فِي نَهْدِ اللُّؤْلُؤَةِ الخَضْرَاءِ هُنَاكَ؟!
هَلْ كُنْتُ إِلَّا عَاشِقاً
وَلَّهْتِهِ بِآهَاتِكِ السَّكْرَى
بَيْنَ يَدَيْهِ
وَأَنَا أَحْضِنُ تِلْكَ الغَمَامَةَ
البَائِحَةَ لِي
بِرَذَاذِ عَرَقِ الأَسْرَارِ المَلَكُوتِيَّةِ
فِي الوَادِي الأَيْمَنِ
مِنَ التُّوتَةِ المُبَارَكَةِ عَلَى شَاطِئِ البَرْقِ
المُتَوَرِّدِ بِنَارِكِ المُقَدَّسَةِ الدَّائِمَةِ؟!
أَيْنَ العَالَمُ يَا مَوْلَاتِي؟!
إِنَّنِي أَفْقِدُ رَائِحَتَهُ
وَأَصَابِعَهُ وَمَرَايَاهُ ..
مَاذَا فَعَلْتِ باِلكَوْنِ يَا جَبَّارَةُ؟!
يَا مُسْتَبِدَّةُ؟!
يَا نَاعِمَةُ؟!
أَكُلُّ الأَبْجَدِيَّةِ لِنَحْتِكِ؟!
أَكُلُّ الطُّيُورِ
لِرَفْعِ ذَيْلِ فُسْتَانِكِ الطَّوِيلِ عَنِ الأَرْضِ؟!
أَكُلُّ الغَمَامِ
لِلرَّفْرَفَةِ عَلَى جَبِينِكِ الأَطْهَرِ
يَسْكُبُ الحَفِيفَ عَلَيْهِ قُرْبَانَ وِدَادٍ وَرِضاً؟!
أَكُلُّ بِحَارِ اللهِ وَأَسْمَاكِهَا
لِغَسْلِ قَدَمَيْكِ النَّاسِكَتَيْنِ؟!
أَكُلُّ الحُقُولِ
لِرَسْمِ خَرَائِطِ جِسْمِكِ الشَّفَّافِ
عَلَى صَحَائِفِ المَدَى بِحِبْرِ العُشْبِ وَالنَّدَى؟!
يَا كُلَّ الكُلِّ؛
بِكِ -وَأَنْتِ الدَّاءُ- دَاوِينِي
فَوَّضْتُ أَمْرَ قَلْبِيَ فِيكِ
لِلَّذِي رَفَعَ السَّمَاءَ بِغَيْرِ عَمَدٍ نَرَاهَا ..
أَنْتِ تَرَيْنَهَا..
فَبِحَقِّ مَا تَرَيْنَ وَمَا لَا نَرَى
ضُمِّينِي لِرَبِيعِ سَنَاءِ حَدَائِقِ صَدْرِكِ
أَنَا جَائِعٌ..
أَنَا عَطْشَانُ..
أَنَا عَار ٍ..
أَنَا مَالِحٌ ..
أَنَا تاَئِهٌ .. أَنَا مَكْسُورُ الأَجْنِحَةِ ..
أَنَا بِسَعِيرِ الشَّوْقِ
إِلَى جَنَّةِ رِضْوَانِ نَهْدِكِ الصَّبِيِّ الأَكْرَمِ
أَنَا فِي صَحْرَاءِ ذُلِّ البُعْدِ..
فَأَعِزِّينِي
بِبَسَاتِينِ الوِصَالِ
يَا فَتَّاحَةُ ..
يَا وَهَّابَةُ.. يَا رَوَّاءَةُ.. يَا عَرُوبُ!!