الرباط ـ «القدس العربي»: ترجل فارس آخر من فرسان القصيدة المغربية، وغادرنا إلى دار البقاء الشاعر محمد عنيبة الحمري، الذي وافته المنية الأربعاء في إحدى مصحات الدار البيضاء حيث كان يتلقى العلاج من مرض عضال. وقال اتحاد كتاب المغرب في نعيه، إنه تلقى نبأ وفاة الراحل عنيبة الحمري «بأسى وتأثر بالغين»، بعد أن فارق الحياة في مصحة هي واحدة من بين العديد من المصحات التي تنقل بينها طلبا للعلاج من المرض الذي عانى منه، والذي كان سببا في وفاته.
الشاعر الراحل الذي يغادر دنيا الناس في الأيام الأخيرة من سنة 2024، جاء نبأ وفاته في ظهيرة الأربعاء، لتضج صفحات عدد من الشعراء والأدباء وعموم المثقفين المغاربة، بخبر وفاته الذي رغم المرض اعتبر مفاجئا.
سيرة الراحل الإنسانية قبل الإبداعية، كانت سببا آخر في مضاعفة الحزن، خاصة أنه عرف بين الجميع بدماثة الخلق والطيبة والعفوية، وتقدير الصغير قبل الكبير في المشهد الثقافي المحلي، وأجمع كل من حزن على رحيله في تدوينة أو مقال، على أن المغرب فقد شاعرا كبيرا، كما وصفه بعض رفاقه وزملائه وأصدقائه، بـ»الصوفي يفرك الضحكات في ورشة الخيال» وفق تدوينة الشاعر جماهري، فيما نعاه سعيد العوادي بقوله «صاحب (الحب مهزلة القرون) و(تكتبك المحن) و(ترتوي بنجيع القصيد) في ذمة الله»، بينما صحيفة «أنفاس بريس» أكدت أنه «خبر مفجع تلقاه المشهد الثقافي والشعري في المغرب»، بينما الناقد محمد علوط، قال، إن «الشاعر محمد عنيبة الحمري شاعر ينتمي الى الزمن الكلي للشعر، شاعر لا أغمات له في الشعر لأنه اختار الترحال بدل الإقامة في ظله».
الراحل عنيبة الحمري الذي رأى النور سنة 1946 في مدينة الدار البيضاء، تابع فيها دراسته الإعدادية والثانوية، في مؤسسة مولاي إدريس الأزهر، ثم التحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في فاس، حيث حصل على الإجازة في الأدب العربي سنة 1969، كما أحرز شهادة الدروس المعمقة سنة 1975، ثم عمل في التعليم الثانوي في الدار البيضاء. وكان الشاعر الراحل أحد أعضاء اتحاد كتاب المغرب، حيث التحق بصفوفه سنة 1970، «وظل وفيا مخلصا له»، يقول نعي هذه المنظمة الثقافية المغربية.
واستعرض اتحاد كتاب المغرب ملامح من سيرة الراحل الذي صدرت له مجموعة من الأعمال الشعرية، منها «الحب مهزلة القرون»، ومع «هذه المجموعة بدأت سيرة عنيبة الحمري الشعرية، وهو وقتئذ طالب في كلية الآداب في فاس»، تلتها مجموعات شعرية أخرى، مثل «الشوق للإبحار»، و»مرثية للمصلوبين»، و»داء الأحبة»، و»رعشات المكان»، و»سم هذا البياض»، و»انكسار الأوان»، و»تكتبك المحن»، وآخرها كانت الأعمال الشعرية في سفرين، ثم ديوان «ترتوي بنجيع القصيد»..
وشدد اتحاد كتاب المغرب على أن الراحل، عرف «بحضوره الإنساني الوارف المشهود له به داخل المغرب وخارجه، بمثل ما عرف بحضوره الشعري والثقافي الكبير في المشهد الشعري والثقافي المغربي والعربي، فظل منخرطا، بمواقفه وكتاباته، في صلب قضايا مجتمعه ووطنه، فالشاعر يؤكد عنيبة الحمري، لا يعيش منعزلا، بل هو جزء من واقع لا بد أن يتأثر به وقد يؤثر فيه أحيانا».