
قُلْتُ اعْتَزَلْتُ الشِّعْرَ،
قَالَتْ عَبْرَةٌ مَـجْنُونَةُ:
لَا…كَيْفَ، لا…!
بِاللهِ يَا هَذَا عَلَيْكَ…
اكْتُبْ لِأَجْلِكَ أَوْ لِأَجْلي
أَوْ لِأَجْلِ فَرَاشَةٍ رَقَصَتْ عَلَى شَوْقٍ
تَـهَادَى بَوْحُهُ مِنْ مُقْلَةٍ..
فَرَنَا لَـهَا رَهْوًا مَلَائِكَةٌ،
وَهَامَ بِـهَا اسْـمِرَارٌ،
طَرَّزَتهُ طُفولَةٌ وَبَرَاءَةٌ..
رَبَّاهُ.. يا.. رَبَّاهُ..
فَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ نُبُوءَةً،
قَالَتْ ليَ: اكْتُبْ مَا تَشَاءُ،
وَهَلْ أَشَاءُ سِوَى الْفْرَارِ إِلَيَّ مِنِّي،
يَا أَنَا … يَا..
لَسْتُ أَدْري مَنْ أَنَا، أَوْ مَا أَنَا…
أَنَا ذَلِكَ الْـمَخْطُوفُ مِنِّي
مُنْذُ أَوَّلِ حَيْرَةٍ خَرْسَاءَ..
مُذْ غَزوِ الْـحُرُوفِ
لِبَعْضِ أَرْصِفَةِ انْتِظَاري
مُذْ تَفَجَّرَتِ الْقَصيدَةُ بَيْنَهُنَّ،
وَبَيْنَ أَقْواسٍ وحِنَّاءٍ وَأَشْيَاءٍ،
تُشَاكِسُني، تُبَعْثِرُني،
فَمَنْ.. مَنْ… ذَا يُلَمْلِمُني
سِوَى سِحْرُ الْقَصيدَةِ،
والْقَصيدَةُ …لَا..
أَقُولُ إِلَيْكِ عَنِّي،
عَنْ سَـمَاوَاتٍ تُطَرِّزُهَا
النَّوَايَا اللَّا تُسَمَّى…
فَالْبُكَا …فَالشِّعْرُ يَا حَوَّاء حُزْنُ أَحْـمَرُ،
الشِّعْرُ يَا “آهَات” صَوْتٌ مِنْبَرُ
قَسَمًا بِأَحْلَامِ النَّوَارِسِ،
وَهْيَ تَسْتَفْتي الْغُيُومَ بِنِيَّةٍ قُرَوِّيَةٍ،
قَسَمًا بِقِصَّةِ قُبْلَةٍ
مَا زَالَ وَحيُ نَعيمِهَا الْـمَنْقُوشُ
في شَفَتي رَحيقًا مِنْ عَجَبْ
قَسَمًا بِآيَاتِ الْـهَوَى الْمَبْثوثِ
حِرْزًا في بِوَيْتَاتِ الْقَصَبْ
قَسَمًا بِكَأْسٍ سَافَرَتْ بي،
أَوْ بِـهَا سَافَرْتُ ظَنًّا
مُنْذُ عَالَـمِ خَـمْرِهَا في الْعُمْرِ دَبْ
أَنَا…
“كُنت بشتاقلك، وانا وانت هنا
بيني وبينك خطوتين”
مَنْ ذَا يُفَسِّرُ
خَوْفَ أَحْلَامِ الْيَمَامِ إِذَا أَحَبْ
أَوْ،
مَنْ يُتَرْجِمُ هَالَةَ الْمَعْنَى
إِذَا الْقَلَقُ انْسَكَبْ
إِنّي لَأَقْرَؤني بِـمَا
شَوْطُ الطُّفُولَةِ قَدْ كَتَبْ
مَا زِلْتُ مُذْ خَيْطِ ابْتِسَامَتِهَا
عَلَى وَجَعي وَثَبْ
وَأَنَا لِنيرَان الَّتي كَانَتْ تنَاجيني حَطَبْ