
أبكي على بعضي وبعضي ينظر
والعمر يمضي عطره يتبعثر
للقلب باب سوف أفتحه على
مرج السنين كجنة تتصور
ما ضرني أني تركت حدائقي
ظمأى وطير الأيك لا يتذكر
هذي السنون أضعتها في لحظة
والصيف خلى فيأها.. والعنبر
مرت كلمح البرق ليس يردها
أسف ولا شوق بقلبي يكبر
ما بالها جمحت وغاب بريقها
وأنا الذي بسحابها أتدثر؟
وحدي أراها جنة موعودة
والعين ترسم فيأها وتصور
عمر تقضى في حماها.. غفوة
تركت خطانا بعدها تتعثر
يا جنة الأعوام جئتك ذاكرا
ما مر فيك وكيف جف الكوثر؟
أرنو لخيط من سناك يلفني
ويروقني دفق السنا والمنظر
ما كان أحلى من شذاك إذا همى
وبنفحه أطوي الزمان وأنشر
هاتيك كانت في الجفاف غمامتي
تروي الغصون الذابلات وتمطر
أبكي على بعضي وبعضي واجم
أكذا تمر الأمسيات وتعبر؟
سأعيدها الأيام جذلى بعدما
تركت حمانا.. والحقول ستزهر!
كانت خمائل كنت فيها طائرا
واليوم لا طير إليها ينظر
الياسمين ذوى وجف عبيره
والروض مصفر الخمائل مقفر
أبهذه الأعوام كنت متيما
أطيافها في كل حين تخطر ؟
كانت تقاسمنا المكان حمائم
غنت فماد بها الخميل الأخضر
لكأنه صب يذوب صبابة
وهي الحبيبة في اللقاء تفكر
كم عاودتنا في حماها صبوة
وغدا الحنين على الأضالع يقطر
نار يؤججها التذكر والأسى
وبكل ضلع من ضلوعي تزفر
أين المجالس كان فيها فتية
رضعوا الوفاء وغيرهم يتنكر
كانت كؤوس الصفو تجمع شملنا
لا غدر واش ، لا عدو يضمر
حضرت جميع الذكريات ، جميعها
أبها ألوذ وخافقي لا يصبر ؟
كل المنافذ اصبحت مسدودة
وغدا الخلاص من المواجع يعسر
يا غائبين وقربهم لي جنة
وغيابهم عني به أتكدر
طارت طيوري خلف هاتيك الربى
وتصرم العهد الجميل الأنضر
وبقيت أرمق كل غيم عابر
عل الغيوم على الجوانح تمطر
سيجيء صيف بالعطور وبالشذا
يهمي على القلب الذي يتفطر
واكون نجما بينهم.. وجوانحي
تهفو إليهم.. شوقها لا يفتر
وأنا جناحي الشوق ، يخفق في المدى
هيمان ، يطويه الحنين وينشر !