
أبْحَرْتُ حتَّى لَوَّحَ الإبحَارُ
كَمْ كانَ قَبْلَكَ مُبْحِرُونَ وَحَارُوا
عَبَرُوا المَجَازَ وَسَافرُوا عبرَ المَدَى
حتَّى تَجَاوَزَتِ المَدَى الأسْفَارُ
هُوَ لا يُقَالُ ولا يُطَالُ مَقَامُهُ
فَاعبُرْ بِقَلْبِكَ إنَّهُ المُخْتَارُ
وَجْهُ الْحَقِيقَةِ أنْ تراهُ وَلنْ تَرَى
إلَّا إذا فُتِحَتْ لَكَ الأسْتَارُ
وَالْقُربُ مِن وَجْهِ الْحَقِيقَةِ جَنَّةٌ
وَالْبُعدُ عَن وَجْهِ الْحَقِيقَةِ نارُ
وَالْحُبُّ إنْ نَظَرَ الفؤادُ بهِ رأى
ما لا تَرَى أوْ تُدرِكُ الأبْصَارُ
وَمُحَمَّدٌ حُبٌّ شفيفٌ وَاسمُهُ
سِرٌّ بهِ تَتَكشَّفُ الأسْرارُ
إنْ شَفَّكَ الوَجْدُ اتَّقَدْتَ بِسِرِّهِ
وَشَرِبتَ كأسًا خَمْرُها الأذكارُ
وَإذا ذكرتَ مُحَمَّدًا نِلْتَ الْمُنَى
وَإذا استَجَرْتَ بهِ فأنتَ مُجَارُ
وَمُحَمَّدٌ معنًى أرقُّ من النَّدى
وَتَفِيضُ منهُ مَهَابَةٌ وَوَقَارُ
لَوْ لَمْ يَكُنْ مِن نَسْلِ آدمَ غيرُهُ
لَكَفَى بهِ كَيْ تُحمَدَ الأقدارُ
عَن كلِّ سَعْدٍ سَعْدُ آمنةٍ بهِ
ذاعَتْ لهُ الأنباءُ والأخبارُ
وُلِدَ الَّذي الْتَفَّ المَلائِكُ حَوْلَهُ
فَكَأنَّ ليلَ العَارِفِينَ نَهَارُ
فَبأيِّ قاموسٍ تُحَاولُ شَرْحَهُ
وَبأيِّ حِبْرٍ تُكتَبَ الأشعارُ؟!
هَذا المَقَامُ مَقَامُ حُبٍّ كَامِلٍ
فَالزَمْ مَقَامَكَ فَالمَدَى أطوارُ
وَاعبُرْ بِقَلْبِكَ إنَّ قَلْبَ مُحَمَّدٍ
قَدْرُ الْمَحَبَّةِ عِنْدَهُ المِعَيَارُ
مِقْدارُ قَلْبِ المَرءِ نسبةُ حُبِّهِ
وَبقَدْرِ حُبِّكَ يُوضَعُ المِقْدارُ