أ، ب .. أو هكذا قيل
تلك بدايات الأشياء
لم تأخذ بعد، نجوم الكون مواقعها
(2)
قال الناجون على خشب الهجرات بعيد الماء الأول
هذا، وادٍ ذو زرع
تعمره الحكمة، والملكات
سنمد الوشم، على كتفيه
ونؤسس ثانية، نشأتنا الأخرى
[فابتسم القمر الشاهد… أن … سنرى]
وتتبع عراف، آثار مشاعر تزدحم البهجة فيها
قال:
هي آثار الآلهة، المشغولة… بالأشواق…
وحبا الطفل/ التاريخ
يلاعب زهرات… ترقصهن النسمة بين يديه
لولا…
أحد….
أحد الأزواج الناجين
تقدم بين الطفل… ولعبته
ليدقّ الوتد… الأول
هذا الوتد… الأكبر
قد صار الشيخ/ التاريخ
يشد إليه…
نهايات الأشياء…
يشد إليه…
…نهايات الأشياء
(3)
تتشقق دائرة الأفق على…
ألوان…
ضوضاء…
أمم…
و قوافل…
نار…
أفيال…
أسلحة، وخيول…
تحملها الظلمة
تدفعها رائحة الوادي
تفصل بين توافدها
أزمنة من صمت… وغياب
…كنت أدوّن في ألواحي
آلاف الأسماء
كنت أرى… تشكيل الظلمة للأشياء
(4)
قلت…
علمنا، على أبوابها…
منطق الشوق فقالت، غنني
قلت يا ليلاي، هذا هدهد
ربما… قالت بسري غنني
ما عسى يدرك من أشواقنا
غير أوهام… فهيا… غنني
وتعهدني إذا باعدهم
وهن الصمت بشجو… الحن
وأرق روحك في أجداثهم
حين لا يورق غير الشجن
وأقم عرشك مصلوبا على
ريبة أمنع من أن تنحني
وتزود بكتابي … قلق
لغة نجوى وهم مثخن
فلقد تعلم كم يرتادهم
بين موتين خواء الأزمن
وبعينيها فضاءات المنى
أوشكت توصد لولا مدني
يومها… رفت تلاوين الهوى
تتنامى أغصنا من أغصن
لم تكن ليلى على علم بنا
أو للاقتنا بباب اليمن
فبها من شوقنا أضعافه
وبنا مما بها ما لا يني
يوم جاوزنا إليها مقفرا
وسعته الريح مما تنثني
صفق البوم على أركانه
يتهادى بين تلك الدمن
قد خلا واديه إلا نملة
لم تعد تعرف أيّ الألسن
دحرجتها الريح عن مسكنها
يالها من نملة لم تسكن..
كان وادي النمل هذا يغتلي
يوم ليلانا، بأعلى مأمن
والمواعيد إلى أيامها
موعد يبني لوعد بين
مشرق الناس ثنايا كفها
ولياليهم سواد الأعين
الهوى يخطو على إيمانها
مشرع الفجر لصبح مذعن
لم نكن جنا ولم نعلم سوى
أننا طرنا بشوق معلن
قيل:”هذا عرشها أم مثله”
قلت: بله… مثلما يعرفني
فأقرأوا أسماءنا الحسنى به
وتولوا، ريثما يقرأني
أن تكن حرقة أكتمها
ناب وجهي، فهو لا يكتمني
وبقايا لغة، واعدتها
كلما وافيتها… تحملني
يا نديمي عند واديها، أقم
مجلس الصحو لم ثم ادعني
وأدعهم، حتى إذا ما ازدحموا
واستزادوك هوى فاستسقني
واضربن إذ أجدبوا خيمتنا
عند منهل لها، لم يأجن
لا تمر ثم عن ساقيك، ما
هذه اللجة، إلا متني
أو لم تشهد نداماي بها
يمزجون الليل مما اجتني
وإذا الضليل – إلا ملكه –
واقف يومئ ألا تنسني
قلت أنستني أيامي أنا
حيث لم أعذر وملكي عضني
ليس لي من صاحب يبكي معي
صاحبي ولّى، ودربي ملني
وأتى يلبسني من دائه
جبة جربها في بدني
فتناثرت على خارطتي
مزقاً لملمتها في كفن
وإذا ليلى على إجهادها
جمعت فيها وصايا وطني
عند شمسان نظمنا عقدها
أنجم الحرف بجيد أفتن
أورقت صنعاء في أسمائنا
وتطهرنا بماء عدن
وأضاء التاج من ليلى على
مفرق الدنيا فقلنا أزيني
وتلونا في خطى حنانها
آية الأيام من ذي يزن
وحكى الدهر على راحتها
كيف طاولنا عناد الزمن
فإذا ما باعد الخطو بنا
تبرق الروح بقلب مرن
وإذا ما أرسلت برقعها
أسفرت فينا بنون اليمن
آه يا ليلاي… لولا هدهد
كنت حدثتك عما هدّني
فاحملي عنا قليلاً همّنا
أنت من تريدين ثقل المحن
وأقرئينا، إنما إغلاقنا
أننا نشدو بلحن شجن
ترجمينا ربما يفهمنا
ذو هوى أودى به أن تحزني
خبئينا بصناديق الهوى
ربّ ميتٍ سرُّه لم يدفن
واحفظينا قبل أن يغتالنا
عسس الموت بليلٍ عَفِن
وأري البحرَ قناني حُبّنا
سكر البحر وماجت سُفُني
وتوزّعنا على شطآنه
عبقاً يوقظ ميت الأزمن
وهبي لي ضوء عينيك سنا
حيثما وليت ضاءت مدني
وأطيلي سفري كي تصلي
أرض أسبابي
وبثّي شجني
لي عرش عندها
ربما غيره
بعض ما أجهدني
آه.. كم يشغلني
زمن في زمني
كيف أبنيه، وبي
أزمنة، تهدمني فيها الهموم
وفضاءات غيوم
كلما يمتد شوقي لبحار لم أجاوزها
يمد الليل فوق الكون… أطباقاً من الظلمة
والليلُ غشوم..
وأنا المشغول بالأيام… بي
يوم عقيم
تتداعى كل أسبابي
وذا صمت على الأبواب
مصفرّ كظيم
وفي صمتي دم الأقوال يجري
ونزف الصمت تجريه الهموم
(5)
لشاهدتي ولي سفري القديم
أغالبه، فيعجزني القدوم
أنا المشغول بالأيام أمضي
إلى زمن وبي زمن العقيم
وأصنع فلك أصحابي، لأمر
أهم له، وأصحابي جثوم
يحاول ألف ميناء يقيني
ولكن الظنون له رجوم
وأزرع في قرار الأفق نجما
فتسبقني إلى نجمي الغيوم
وألقي حمل أيامي، لأرض
فتسلمني لأرض لا أقيم
فلا أنا واصل أسباب أهلي
ولا دربي بأسبابي عليم
أعد قوافل التجار، تأتي
بأقوام تمر، ولا تدوم
وتخلعني وجوههمو قليلا
ويعلو وجهي البادي الصميم
أنا المشغول بالأيام أمضي
إلى زمن وبي زمن عقيم
بعثت رسائلي أوصي بليلي
خلاء دون عينيها ..عظيم
تكومت السنون بجانبيه
فلا الآتي يدل… ولا القديم
وليلى فوق أزمنتي زمان
توسع أن… يلملمه زعيم
وليلى كلما افترت بفجر
تنحى الفجر وافتر النعيم
ومد الطيب أعناق الخزامى
وفاض البرق واهتز الأديم
وليلى كلما جهّزت فلكي
جرى بي من نواحيها النسيم
فأمعن في الرحيل بلا شراع
جناحاي الملامح والرسوم
أنا المشغول بالأيام أمضي
إلى زمن وبي زمن عقيم
وقفت العمر فيك فلا نشيدي
يطاوع في سواك ولا أروم
فغطي من سمائك لون ليلى
متى ما عدت دلتني النجوم
خذي ما شئت من سهري وعمري
وأبقي لي الرحيل فلا ألوم
ففي بحريك متسع لفلكي
وقد ضاقت بتطوافي التخوم
وضمي بين ماءيك اشتعالي
فها عشبي فشت فيه السموم
أفي ما كان من ماءيك باق
أخاتله على قمر… يحوم
يحاذرني وأوشك أن… فيخبو..
فواشغفي أهيم، ولا يهيم
أنا المشغول بالأيام أمضي
إلى زمن وبي زمن عقيم
وبي أهلي وبي قلقي وشعري
وبي قمر تكوره الهموم
أحدث عند وادي النمل نصي
بما أخفي ولا تخفي الكلوم
أسارره وقد ثقلت خطانا
أحاوره وقد يدري النموم
كلانا مولج ليلا بليل
كلانا عند واديها نديم
يعاتبني الأحبة أن صوتي
خفيت إنما صوتي يتيم…
ويلمزني “الطوارف” أن صوتي
قديم، قل بلى… صوتي قديم
قديم مثل تاريخي وأرضي
قديم مثلما همي قديم
أنا المشغول بالأيام أمضي
إلى زمن وبي زمن عقيم
وأهلي قيمون على نصوصي
ونصي خوف صولتكم كتوم
وهدهدهم يقلّب في كتابي
لأي قراءة، قد يستقيم
فهل عجب إذا دندنت وحدي
وقد أخنى على الوادي الوجوم
وهل عجب إذا نفخت رياحي
بموقدهم وموقدهم رديم
حملت من البداوة نصف زادي
وقلت النصف تذروه الحسوم
طريقي ربما امتدت بعيدا
سأستهدي الزمان فمن يلوم
وقد يرتاد أهلي غير صوتي
لعلي بينهم صوت رجيم
أنا المشغول بالأيام أمضي
إلى زمن وبي زمن عقيم
ستخلعني عواصمهم.. سلاما..
كفاني أن صحرائي رؤوم
ويكفي أنهم غابوا، وقمنا..
إلى قفر عمارته، رسوم
همو دخلوا مساكنهم وإني
بملئك أيها الوادي مقيم
أرد ذئابهم عني بلحمي
فيا مزقي أفضن بما يدوم
ليحمل شاعر هم الأماني
ويستعفي من الحمل السليم
ويطوي -ربما- أطراف ليل
على أذياله ليل غشوم
أنا الماضي البعيد بفحصتيه
أنا الآتي، أنا الآن السقيم
أنا المشغول بالأيام أمضي
إلى زمن وبي زمن عقيم
(6)
ومشغول بقافيتي
لأن رياحها سكنت
ويجلدني بباب القول سوط “العارفين”
أغض من كلمي
وأقيل نصف حروفي الأولى
ولا أشكو إلى قلمي
فيشكوني إلى ألمي
وتخذلني جبال الشك في ركني وفي حجبي
أدحرج كل أعذاري
أقول “براءة” الإجماع تخنقني
أخيط القول فضفاضا
أخاف دفاتر النساخ تقرؤني
وتشرحني كما قد يفهم النساخ أشيائي،
وتنسخني
أريد دما يعربني
ويكشفني على لغة
ترتب كل أسمائي
لعلي إن رجعت
نصبت، قيامة الماء…
(7)
تترجل الأسماء عن ..
صهواتها…
كل ترجل لا يطيق رحيلا
سارت وسار دليلها متعثراً
ذعرا وبدلت الدليل دليلا
وأوت لمدجنة تبيض كلامها
ليلا وتكتشف النهار أصيلا
وتبيع من ترك الخراب من الرفاق
وتكتري لهوى المساء خليلا
وتغيب عن وهج اللغات تغيب في
كهف التواريخ/ الجليد نزولا
الآن ينصرف النهار فأكملي
هي بيضة أخرى ستفقس جيلا
ألقت معاولها الحروف وغمغمت
خرت وأنهكها الوقوف نحولا
ضع ركبتيها فوق جمر الصبر، ألهمها لدى الكي
الأخير بديلا
قل سمني ما زال لي برقان ضادهما يفيض على
دمي لأقولا..
من علموا الأسماء -قبلك ربما-
عضوا عليك وأفردوك عليلا
هي ردة الإخلاف عن ميعادها
عود لسانك لن يجش خيولا
أجل خيولك هذه الصحراء ما اتسعت أمامك
قد تضيق صليلا
هل أفلس الحكماء يا… لا تبتئس
جرب أخيرا أن تجن قليلا
دع حكمة القطعان دع واو المعية، دع حديث
الراجعين نكولا
للمجمعين أمانهم، ولك اندلاع الشك في ورق
الزمان فتيلا
أصبحت أومئ، ملجما، والقائمون، على فمي
يستصدرون فصولا
من لي بفسخة آهة، بين إنكسار الصوت والصمت
المعبأ قيلا
لأزيح عن يومي حجارة يومهم
وأرد أنفاسي وأكتب جيلا
وأعيد تركيب الخرائط ربما
وقف المكان عن المكان بديلا
وأعين ترتيب الصباح فربما
ولد الزمان من الزمان سليلا
نادمت ما يتلو النخيل على المياه، وما يقرقره
الحمام هديلا
وقعت بالوادي جميع رسائلي
ولبست حمل الغائبين ثقيلا
جمعت كل شواهدي ودلائلي
لأصون وجهي راحلا ونزيلا
رتبت عرش بهائها وحضورها
كي لا ينكّر بالغياب طويلا
وكتبت أسمائي على أبوابها
وشفيت من عنب الكلام غليلا
ودعوت عينيها ولحن حديثها
ناياتها الأولى تذوب هديلا
حتى إذا سجعت، ترنح خاطري
ونصبت عرش “المذنبين” حلولا
هي كلما خلع الرفاق ملامحي
بعثت ملامحها إليّ رسولا
هي لفتة الأشواق راحلة، وآخر ما يريد
العاشقون خليلا
قلت إزرعيني بين حالك والرؤى
قمرا يخضب راحتيك بتولا
وسألت كيف أصونني لأصونها
وأنا أكاد أو ابتدأت رحيلا
بل كيف يختصم الزمان مع المكان، وكيف
يتفقان فيك ميولا
أحتاج فسحة آهة بين اتساع الجرح
والصمت المعبأ قيلا
أحتاج ترجمة النخيل لأمتطي
قلق اللغات إلى السماء دليلا
أحتاج كل عروبتي، وعروبتي
لأمد جذعي أحرفا ونخيلا
يا أيها الوادي، أأنت جريمتي؟
مالي أقلب في يديك قتيلا؟
لم نتفق لكن سنعلن أننا…
كي لا نغيب “براءة” وذهولا
من ألف عام والقوافل في دمي
هذي تنيخ وتلك ترجع ميلا
للروم خشخشة اللغات وهيكل التاريخ يحجب
أو يشد صقيلا
لنمنم التاريخ خلف رؤوسنا
ونعد متكأ عليه “جميلا”
للفرس ظاهر صاحبي ودخيلة المشغول
منتظراً لعل سبيلا…
ليعود كسرى في عباءة تاجر
خبر البلاد مدائنا وسهولا
للترك مفتاح المياه، دفاتر النهرين، تشكيل
الخرائط طولا
لتوزع الرايات تحت ذقونها
ونصيب من “كرم الجوار” قليلا
والقادمون من الخرائب خلف بابل، ينجزون من
المحول محولا
هذي أكف السامري تناسلت
اليوم تمطرك السماء عجولا
للأرض سبت كي تدور قريرة
والسبت أرض المزعمين دخولا
أو كلما ملأ رؤوسهم
طلبوك في زمن يخور ذلولا
يتساءلون عن الموائد في سمائك
كلما كشطت سماؤك
جاؤوك في جيش من الكتب القديمة
بالقراءات الجديدة
رتبوا أسفارهم
(8)
كم حملت ظهور القادمين على “تباشير” التواريخ
السحيقة
واستعاد العصر أسفار البداية
واستعاد العصر تحريف الكتابة
قيل اهبطوا…
تلكم موائدهم تحل لكم….
الأرض دارت
واستقر بها القرار
وضجيج أحذية… تفهمه المكان…
قالت نملة:
“يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم”..
وتزاحم النمل اللطيف
براءة…
وعوى الفراغ…
عوى الفراغ…
عوى الفراغ…
أ،ب … أو هكذا قيل
تلك، نهاية الأشياء
قد تركت بعد.. مجرات الكون مواقعها
قال الفارون على قلق الهجرات قبيل الماء الآخر
هذا، واد ذو خوف
تنهشه، السلطة، والشهوات
سنعري الوهم، على جنبيه
ونطلب عاشرة، هجرتنا الأخرى
[فابتسم القمر الشاهد، أن.. سنرى]
وتتبع عراف، آثار جماجم تشتعل الحسرة فيها
قال:
هي آثار، الآلهة المشغولة… بالأموات
وحبا الشيخ/ التاريخ
يراود أحلاما… تنسجها الشهوة بين يديه
لولا…
أحد…
أحد الآلاف الفارين
تقدم بين الشيخ وشهوته
ليسل الوتد الآخر
هذا الوتدالأمثل
لم يلق الشيخ/ التاريخ
كيف يشدّ إليه…
فراغات الأشياء.