أتيتُكَ.. يا مَرْفأ الخالدين..
أتَذْكُرني جيداً يا عِراقْ؟
أتيتكَ أُنشودةً في الغُبارِ
أشُدُّ على الجوع حُلْمَ البُراقْ
صَغيراً صغيراً طويتُ الطريقَ
إليكَ.. إلى مَرْفَأِ الخالدينْ
على كَتِفي كلُّ تاريخِنا
وثورةِ أطفالهِ الضائعينْ
أتيتُكَ يوماً دَماً يَقْطُرُ
ومَهْداً بلا ألمٍ يُبْتَرُ
شريداً شريداً وداري هنا
وداري هناكْ..
وتَتْرُكُني غُرْبَتي مُثْخَنا
ويخضّرُّ في لَهْفَةٍ ساعداكْ
اتيتُك يوماً رُؤَى شاعرِ
يفتِّشُ عن مَطَرٍ ثائرِ
ومن أرضِنا يَتقَرَّى المَطَرْ
ويبدأُ منها، ويُنْهي السفرْ
والقيتُ في المَرْفأِ الخالدِ
على عَتَماتِ الغدِ الواعدِ
طُفولةَ أُغنيةٍ في الضبابْ
تُبشِّرُ بالبَعْثِ هذا التُّرابْ
تقولُ لكلّ القبُورِ الصِّفاقْ:
سَنَنْفُضُ أكفانَنا يا عِراقْ!
سيَخْضَرُّ يَخضَرُّ هذا اليَبابْ
سنَسْقِي الجُذّورَ جنونَ الشبابْ
أَتذْكُرني نخلْةُ “العاليةْ”؟
لها كنتُ يوماً، وكانَتْ ليَهْ
تُخبِّئُ للسندبادِ الصغيرْ
شِراعَ الرحيلِ الكبيرِ الكبيرْ
وبينَ حَدِيثِ الصَّبايا
عن الحُبِ والشعرِ كانت خُطايا
تَجُسُّ الطريقَ لميلادِ أمَّةْ
لصحوَةِ أمَّةْ
لِثورةِ أمَّةْ
وأَعْرِفُ أنَّ عِراقي المُكبَّلَ
يَحْمِلُ هَمّي، وأحمِلُ هَمَّهْ
***
أتيتُكَ.. دَعْني من الذكرياتِ،
فقد كَبِرَ الجُرحُ والخَنْجَرُ
يُقالُ: لقد سَبقَتْنا الدروبُ
فَصَيحتُنا خَبَرٌ يُؤْثَرُ
يُقالُ: سُدىً تَلْعَقُون السرابَ
فلن تَرِدُوا، لا، ولن تَصْدُروا
يُقالُ: حديثُ المخاضِ العظيمِ
خَيالٌ بأجفانِكم يُنْحَرُ
يُقالُ.. سأعْصِرُ مما يُقَالُ
بَريقي.. وأمضي
أُعمِّدُ أرضي
بميلادِ أُمّةْ
بوَحدةِ أُمّةْ
وبينَ حديثِ الصَّبايا
عن الحُبِ والشعرِ أُزْجِي خُطايا
واكتُبُ اكتبُ للمُتْعَبينْ
وأُطْعِمُ عينيَّ للقادمينْ
لأطفالنا.. للعيونِ الجميلةْ
تُفَتِّشُ عن واحةٍ مُستحيلةْ
إذَا لم نجِدْ كُلَّ واحاتِنا
وكُلَّ أحبَّائِنا الضائعينْ
***
يُقالُ.. سأعْصِرُ مما يُقَالُ
بريقي.. وأمضي
حريقاً بأرضي
أجلْ.. كَبِرَ الجُرْحُ والخَنْجرُ
وإني بوَهْجِهما أَكْبَرُ