طفلٌ يُلَوِّحُ لي، ويَعْلَقُ في الصَّدى
بِظِلَالِ أُغْنِيَةٍ يُبَادِرُهَا الرَّدَى
يَبْكِـــــــــــي ويَضْحَكُ هَا هُنَالِكَ وَاقِفًا
فِي دَمْعَتَيْهِ تَدُقُّ أَجْرَاسُ الْحُدَا
لِلرِّيحِ سَارِيَــــــــــــــةٌ تُرَافِقُ ظِـــــــلَّهُ
لِتُعَانِـــــــقَ الْمَدَّ الْمُسَـافِرَ وَالْمَدَى
تَمْشِي إِلَى الْعَرَصَاتِ تَطْلُبُ وِرْدَهَا
فَتَشُوبُ أَشْبَاحُ الظَّلَامِ الْمَوْرِدَا
هِيَ لَمْ تَكُنْ إِلَّا ذُبَــــالَةُ رَاحِلٍ
عَرَفَ الْغِيَابَ الْمُرَّ، أَوْغَلَ مُفْرَدَا
جَاسَ اغْتِرَابَ الْقَلْبِ رَافَقَ وَحْدَهُ
مَعْنَى التَّوَحُّدِ فِي الْوُجُودِ.. تَشَرَّدَا
غَابَتْ سُلَالَتُهُ وَغِـــيضَ طَــــرِيقُهُ
فَـــــــمَشَى يُحَاوِلُ أَنْ يَكُونَ مُغَرِّدا
غَنَّى لِقَارِعَةِ الطَّـــــــــــــــــــــرِيقِ لُحُونَه
شَرِبَ الظَّلَامَ وأَوْغَلَتْ فِيهِ الْمُدَى
خُطُوَاتُهُ فَوْقَ الرَّصِـــــــــــــيفِ مَحَابِرٌ
وظِــــــــلَالُهُ انْطَلَقَتْ جَوَادًا أَسْوَدَا
طَيْفٌ.. مَسَاءَاتُ الْغِيَابِ مُرَابِطٌ
فِي لَوْنِهَا الْفِضِّي.. مِنْهُ تَــــــجَرَّدَا
لَبسَ الْهَبَاءَ عَبَاءَةً فِي طُــــــــورِهِ
واسْتَنْشَدَ الْمَلَأَ الْبَعِيدَ… فَأَنْشَدَا
ومَضَى يَغُوصُ.. هُنَا الْمَكَانُ حُدَاؤُه
وهُنَا الزَّمَـــــانُ بِمُقْلَتَيْهِ تَبَدَّدَا
صَحْرَاؤُهُ حَمَلَتْهُ فِي هَمَسَـــــــــــاتِهَا
وبصَمْتِهِ صَخَبُ الْحُضُورِ تَـــــرَدَّدَا
حِينَ اسْتَدَارَ رَأَى طَوَاسِينَ الرُّؤَى
تَتْلُوا الْغِيَابَ.. لِــــــــرُوحِهِ مَدَّ الْيَدَا
ظَنَّ الْأَمَاكِنَ تَجْتَبِيهِ.. فَطَــــــــالَمَا
أَعْطَى الْأَمَــــــــاكِنَ جذْوَتَيْهِ وأَوْقَدَا..
لَكِنَّهَا شَــــــــــــــــزَرَتْهُ فِي نَظَـــرَاتِهَا
وَ مَضَتْ لِتُصْلِيهِ الغيابَ السَّــــرْمَدَا
فَمَضَى لِحَــــــــــــالِ سَبِيلِهِ مُتَوَجِّعًا
ورَمَى الْأَمَاكِنَ فِي الْغِيَابِ مُــــرَدِّدَا …
“هَذِي السَّوَارِي لَنْ تَجِيءَ ظِلَالُهَا
تَرِدُ الْغِيَابَ، وَ لَنْ تَخُونَ الْمَوْعِدَا
أَنَا مــا أَتَيْتُ لِكَـيْ أَقُـــولَ أَنَا هُنَا
لَكِــــنَّهُ الطِّفْلُ الْغَرِيرُ تَمَرَّدَا
قَـــــــــــالَ الَّذِي قَالَتْ صَبَابَةُ قَلْبِهِ
فِي لَفْتَةٍ ودعَــــا الزَّمَانَ وَأَشْهَدَا
وطَوَى تَرَانِيمَ الْمَحـابِرِ كلَّهَا
وَرَمَى الضَّلَالَةَ فِي الضَّلَالَةِ وَاهْتَدَى”