ماذا أقول لحزنٍ شفّ عن ألمي
يا صاحبَ القصرِ لا تعذلْ ولا تلُمِ
أحاطني الهمُّ مما حلَّ من وجعٍ
تفَصَّدتْ منهُ أعراقي وسالَ دمي
وأغرقتني دموعي حينَ ذكَّرني
ذاك البهاءُ بعصرٍ مرَّ كالحُلُمِ
بهِ ارتقينا وأشعلنا منائرَنا
في عتمةِ الكونِ بالإبداعِ والقيمِ
علتْ عروشُ حضاراتٍ بهمَّتنا
حين ارتقينا كنجمٍ لاحَ في السُّدُمِ
تألقتْ فيهِ أضواءٌ محلِّقةٌ
أضاءت العصرَ في الأسحارِ والظُّلَمِ
فأورقَ العمرُ واخضرَّتْ حدائقُهُ
وفي القصورِ تباهى الزَّهوُ بالكرمِ
وأزهرتْ في سماءِ الكونِ أنجُمُهُ
ليسطعَ البدرُ مزهوًّا بذي القِيَمِ
همَتْ حروفي ودمعُ القلبِ يغسلُها
من حرقةٍ أوقدَتها شِدَّةُ الألمِ
غرناطةَ المجدِ هل تبكينَ من وجعٍ
إذا تذكَّرتِ من كانوا على القممِ
هنا بهمْ سجَّلَ التاريخُ روعتَهُ
فزيَّنوا العصرَ بالبهجاتِ والنِّعَمِ
كم دوَّنوا فيهِ من علمٍ وفلسفةٍ
بألحُنٍ راقَ فيها الشَّدوُ مِلْءَ فمي
وأذهلوا الكونَ بالراياتِ خافقةً
مجدًا فمجدًا، وما كلَّتْ .ولم تنَمِ
فأيقظتْ كلَّ حرفٍ للبهاءِ شدا
موشَّحٌ فيهِ ذابَ اللحنُ في قلمي
غرناطةَ الحبِّ والأمجادِ يا وطنًا
للعزِّ والفخرِ أشدوهُ بنبضِ دمي
فسامحيني إذا قصَّرتُ في لغةٍ
حروفها قد تضيقُ اليومَ عن حُلُمي
و أشعلي الشوقَ للأيامِ.. أروعُها
ما مرَّ فيك من التاريخِ كالعلَمِ
مرفوعةٌ فيهِ راياتٌ مرفرفَةٌ
ملْءَ السماءِ تنادي دمتِ يا قِمَمي
إليكِ تهفو نفوسٌ جلَّ خالقُها
تعيشُ ذكراكِ ملءَ الروحِ في ندَمِ
لمَّا أضعناكِ ضاعَ المجدُ من يدنا
وفرَّقتنا صروفُ الدهرِ في حُزَمِ
لكنها الروحُ ما زالتْ على أملٍ
بومضِ فجرٍ معَ التاريخِ منسجِمِ
بهِ نعيدُ من الأمجادِ أجملِها
تعانقُ الكفَّ كفٌّ للعناقِ ظميِ
وتشرقُ الشمسُ بعدِ الليلِ في وطنٍ
لمَّا أضعناهُ ضاعَ العمرُ في الندمِ