دوّختني الريحُ
عصفتني هشيماً من سعفِ الضلوع
احتضرتُ على خاصرةِ وهمي
ألقيتُ رأسي على كتفِ جوعي؛
فسقطتُّ مرتجلاً بيتاً من الحنطةِ
عن عُمْرٍ لم يفقْ بعدُ من وخز الرغيفِ
ولا من تشقُّقِ الماء في اكتمالِ الجدبِ
.
حين يمتشقُ الصبرُ موجةً صغيرةْ
تعيدني إلى معتركِ الملحِ
كلّما سقطتُ من وهني
تقذفني بعيداً عن رحمةِ الرملِ
تكرَّر احتضاري كلَّ شهقةٍ من رذاذ الملحِ
قلتُ لعل طَرْقَ الشعرِ يفتحُ كُوةً
على ما تركتُ في هامش المدّ
قبل انتباه القمرْ
.
مددتُ لـ (بابلو نيرودا) يدي ؛ فكنتُه ، وهو يأكلُ الملحَ
يسقي المساكينَ ماءَ الضَّوءِ
يبوح للنجوم سراً بأمعائِهِ الداكنةْ
بتسوُّسِ القمحِ في المرافئ
بالفئرانِ التي تُزعج القمحَ بالطاعونِ
بجوعِ النار للقدور
كنتُه وهو يغسل عارَ نزفِهِ بيَدِ الحروف
لم تفلحِ الحروفُ في اصطياد المدى
لم تجفِّفْ دمعةَ القحطِ قصائدُنا
لم تكوِّر لي رغيفاً قَرويَّ النكهةِ
كنتُ والمدى أمامي يبتلعُني
أقاومُ بالصراخ عتمةَ الثقوبِ السوداءِ
أقسّمُ روحي بين أذرعِ الغدرِ
أرتجفُ من قبري الذي يُحتَفرْ
قلتُ : بيَدي أموتُ لا بيد الجوعِ
كان (بابلو نيردوا) ينتظرني؛
بحدس الشعراء تلقّاني ذاهلاً في صراخي
أفقتُ على دمعةٍ تنزفُ من ريشتِهِ
نزفْنا معاً أنشودةَ الوطنِ الذي أدمنَ الاحتدام
وطرنا فوقَ الغمام ..!