ولأن نهر دمٍ
يصرُّ على المرورِ إلى فتوقِ الروحِ
منسرباً لآخرِ جمرةٍ حمراءَ
أفتحُ في شغافِ القلبِ أوردةً وأوديةً
تخثّر في تشعُّبِها دمُ التاريخِ
تصحو من صياحِ المُديةِ الأولى
صباحاتُ الفجيعةِ
تستدير الأرضُ أكثرَ
في سديمِ الدمْ
تدفعها يدٌ تنسَلُ من خللِ الغيوبِ
وكلما انحدرَتْ لهاويةِ الظلامِ
تفجرتْ سدُمٌ جديدة.
يا أمَّنا الأرضُ التي انجبلت بصلصال الدمِ الفوّارِ
تمثالاً لحزنٍ خالدٍ أبداً
ولم تُفطَم مِن الدمِ مذ صباها
أبناؤك البارّونَ بالدمِ نحنُ
موشومون باللعناتِ
والأسفِ الذي انغرست مخالبه بأحداقِ الخُطا..
وخطيئة الأبِ وابنه الأولى
تناسلتِ المُدى من بسمةٍ ثكلى
على شفةِ الجراحِ
وقُبلةٍ حجريةٍ ..
وعناقِ مغتربَينِ في شجَر الطريقِ
ومن عروقِ يدٍ تصافح أختَها
خطأً تناسلتِ المُدى ..
وانشق هذا الدربُ عن وجعٍ أصمْ.
ماذا عن الحجرِ المسنّنِ في يد المستشرفين
لمهرجان الموتِ والدمِ؟
كيف أصبح طائرُ الفولاذِ منهمراً
عزيفاً قانيَ القَسمَاتِ باروداً رصاصا؟
يا أمَّنا الأرضُ امنحينا الوهمَ
أطيافَ السلامِ
وعلّمينا
كيف نبتكر التشظيَّ والخَلاصَ.
كبُرَت مطامحُنا
وما عادت تربّي النومَ في أحداقِنا
تلك الأغاني الحالماتُ
فهيئي لحناً جديداً لائقاً
بحديدِ هذا القلبِ
مُرِّي خلسةً
وتحسَّسِي ما قد تبقّى في زوايا الحلمِ من أملٍ
وأحزانٍ جديدةْ.