ميخائيل ليرمنتوف (1814-1841) شاعر القوقاز الذي يُعد من أهم الشعراء الروس بعد رحيل بوشكين، أدبهُ له مسحة إنسانية عالية وحريّ به أن يكتب عن فلسطين وهي الذائبة في وجدان العالم قضيةً ومعنى، فأدخلها – وهي الخالدة – ضمن النصوص العالمية مع غيره من أدباء وشعراء من الشرق والغرب إلى أميركا اللاتينية.
كان مجداً في القراءة وقد عانى كثيراً في حياته، فوُلد من رحم المعاناة إبداع مستنير كان للأرض المقدسة نصيب مميز منه، فكما نعلم فإن الحضارة الروسية بدأت بالتعرف إلى فلسطين قديماً مع قوافل الحجيج إلى بيت لحم والناصرة وبيت المقدس. وهناك نشأت أوشاج العلاقات العاطفية وباتت جزءاً من وجدان الشعراء والأدباء الروس يتغنون بها وتلتهب بها قرائحهم ويستعر خيالهم.
قصيدة «غصن فلسطين» من أروع القصائد الشعرية الروسية التي جاءت على شكل محاورات واستنطاقات تتّكئ على حنين دفين لأرض هي مهد الإنسان المتنسم لعبق السماء والباحث عن طهارة من الأدناس.
قل لي يا غصن فلسطين
أين كنت تنمو، وأين كنت تزهر؟
أية وديان وهضاب كنت تزين؟
أكانت مياه الأردن الطاهرة بقربك؟
أم كانت شمس الشرق تداعبك؟
هل كان أبناء القدس الفقراء
يصلون بصوت خافت
أم يرتلون أناشيد الزمن الغابر
عندما كانوا يجدلون وريقاتك؟
لا تزال تلك النخلة
بهاماتها ذات الأوراق العريضة
تستدرج في قيظ الصيف
من يجوب تلك الصحراء
أم أنها ذبلت مثلك
ماتت من ألم الفراق
أخبرني أي يد تقية ورعة
جاءت بك غالى هذا البلد
هل كان صاحبها يحن إليك؟
وهل لا تزال
آثار دموعه المحرقة عندك؟
أكان خير جندي من جنود الرب
صافي الجبين كصفائك
جديراً يرضى السماوات في
أعين الناس والإله؟
وهل تقف، يا غصن فلسطين
أمام أيقونة ذهبية
حارساً مخلصاً للمقدسات
تصونك عناية خفية؟
غصن شفاف، ضوء القناديل
أيقونة وصليب رمز القداسة
من ورائك ومن الأمام
عبق البهجة والسلام