1
الْقَرْيَةُ الصُّغْرَى تُغَازِلُ،
أَوْ تُـمَازِحُ فِطْرَتي هَـمْسًا،
فَأَرْكَنُ لِلَّذينَ تَلَقَّفُوا
صَفْوَ الْكَدَرْ
وَاسْتَوْقَفوني
عِنْدَ رَبَّتِها اللَّعُوبِ،
أَمَامَ أَفْوَاجٍ مِنَ الْأَصْنَامِ
تَسْتَلِبُ النَّظَرْ،
تَطْوي الْـمَسَافَـةَ،
تُـحْضِرُ الْـمَوْتَى،
وَتَقْرَأُ مَا يُـخَـبِّـئُهُ الْقَدَرْ
هِيَ عالَـمٌ يَغْوي… وَيَسْتَهْوي
الَّذينَ تَـحَجَّرُوا،
وَاسْتَبْشَرُوا
خَيْرًا بـِمَلْمَسِهَا الْوَثيرِ،
فَمَزَّقُوا ثَوْبَ الْوَبَرْ
وَاسْتَأنَسوا بِتَنَاولِ الْغَايَاتِ
دُونَ وَسيلةٍ يَدْعُو لَـهَا صَوْتٌ،
وَيَطْلُبُهَا، فَلَيْسَ لَـهَا أَثَرْ
2
الْقَرْيَةُ الصُّغْرَى
شِعَارُ مَنِ ابْتَكَرْ…
مَنْ سَنَّ…
مَنْ صاغَ الْـجَديدَ،
وَمَنْ أَضَاعَ مَسَافَةً بِـالْأَمْسِ،
عَادَ بِـمُسْتَقَرْ
هِيَ خُطْوَةٌ أُولَى يُزَيِّـنُهَا،
فَأَهْوَى في شِبَاكِ زَمَانِــهِ،
لِــيَــنَالَ أَزْمَانًا يُغَادِرُهَا الْـحَذَرْ
أَقْفو بِـهَا مَا لَيْسَ لي عِلْمٌ بِهِ،
فَأَظُنُّ وَهْـمًا
أَنَّـهَا فَرَجٌ تَشَرَّفَ بِانْتِظَاري،
يَا لِسُخْرِيَةِ الْقَدَرْ
3
الْقَرْيَةُ الصُّغْرَى
تُنَاديني تَعَالَ فَتَارَةً
كَلّا… أَقولُ… وَتَارَةً
أُخْرَى يَدِبُّ بِيَ الْـخَدَرْ،
أَتَفَيَّاُ التَّأْريخَ مَـخْمُورًا،
أُهَزْهِزُهُ عِتَابًا،
رُبَّـمَا يَسّاقَطُ الْمَاضي عِبَرْ
أَوْ أقْطَعُ الْوَصْلَ ابْتِغَاءً،
أَوْ أُنَاصِبُهَا الْعَدَاوَةَ…
فَالنَّجَاةُ لِمَنْ صَبَرْ
أَوْ أَرْتَـمي في دِفْئِهَا،
أَوْ أَفْتَحُ الْأَبْوَابَ حُـبًّا،
دُونَـمَا حِصْنٍ لِيَدفَعَ بِالضَّرَرْ
4
هِيَ قَرْيَةٌ
تَرْعَى… وَتَـحْتَضِنُ الْـجَميعَ…
تَضُمُّهُمْ
بِـهَوًى أُحَادِيِّ الْبَصَرْ
لَيْسَ الْـحِوَارُ هُنَاكَ إِلَّا
لَوْحَةً مَقْلُوبَــةً،
لِتَغيبَ آلَافُ الصُّوَرْ،
فَيَضيعُ تَـحْتَ الْـجـُرحِ ميرَاثٌ
تَسَلَّلَ عِبْرَ كَفّي لِلْعُصُورِ،
فَأَدْرَكَتْ أَرْضَ الْقَمَرْ
هِيَ قَرْيَةٌ تَغْتَالُني،
فَأَكُونُ مِـمَّنْ لَيْسَ يَذْكُرُهُ
الدُّعَاةُ إِذَا تَغَيَّبَ عَنْ هَوَاهَا،
لَا يُعَدُّ إِذَا حَضَرْ
هِيَ قَرْيَةٌ مَسْحورَةٌ،
مُرٌّ فِرَاقُ جُنُونِـهَا،
وَجَوَى اِنْشِغالِ ذَوي الْـجُنُونِ بِـهَا أَمَرْ
5
أَنَا غَائِبٌ في قَاعِهَا الْأَعْمَى،
تُفَرِّقُني وَتَـجْمَعُني،
بِسوءِ الظَّنِ،
طَاعَاتُ الأَنَا
أَنَا نَائِمٌ
في كَفِّ عَالَمِهَا الْمُريبِ،
وَلَا أَعُودُ إِلَى هُنَا
حَتَّى أُقَابِلَني بِـمِرْآةٍ
تُـحَاصِرُني… تُصَارِحُني،
فَأُدْرِكُ مَنْ أَكونُ كَمَا أَنَا
بِتَسَطُّحي… وَتَثَلُّمي
بِـتَعَدُّدي… وَتَـهَدُّمي
لَا كُنْتُ…
لَا سَأَكُونُ…
لَا الْـمَاضي سَيَشْفَعُ لِلْجَهولِ،
وَلَا تُسَلّيني حِكَايَاتُ الْـمُنَى