لِلْيَاسَمِينَةِ مَا تُدَنْدِنُهُ بَقَايَا الرِّيحِ فِي تِيهِ المُتَيَّمِ: أَغْلِقِي هَذَا الحَفِيفَ هُنَيْهَةً، هَذا الوَمِيضَ هُنَيْهةً، هَذا الشَّذَى السَّلَّابَ رُوحَ المُصْطَفَيْنَ هُنَيْهةً، فِي عَرْضِ حُسْنِكِ يَا سَلِيلَةَ مَا تَبَقَّى مِن نُبُوءَاتِ السَّمَا، سَيْلُ البَهَاءِ طَغَى، طَغَى! وَأَنَا اسْتَوَيْتُ علَى لَهِيبِ الزَّقْزَقَاتِ اليَانِعَاتِ، أنَا اسْتَوَيتُ! وَلَيْسَ بِي مِنْ طَاقَةٍ لِأُدَافِعَهْ
الآنَ قُومِي يَا رَحِيمَةُ! يَا رَئِيفةُ! يا مُطهَّمةَ الرَّفيفِ! الآنَ قُومِي! أَغْلِقِيهِ حَنَانَةً بِالقَلْبِ؛ لَنْ يَتَحَمَّلَ الإِعْصَارَ مُتَّجِهاً لِأَعْمَقِ نُقْطَةٍ فِي وَجْدِهِ، وَغَرَامِهِ المَخْطُوفِ مِنْ لَدُنِ انْدِلَاعِ الخَيْلِ فِي مَدَدِ التَّضَارِيسِ الرَّوَايَا الرَّائِعَةْ
كُفِّي عَنِ اسْتِعْرَاضِ جَيْشِ الفِتْنَةِ الخَمْرِيَّةِ الإِيقَاعِ، فِي المَلَكُوتِ مُشْكِلَةٌ، وَسَادِرَةٌ بِغَيِّكِ أَنْتِ .. لَا المَلَكُوتُ نَاجٍ مِنْ تَهَوُّرِ نَهْدِكِ البَاغِي، وَلَا عَيْنَاكِ رَاحِمَتَانِ حُزْنَ العَاشِقَينَ الأَنْبِيَاءِ السُّمْرِ! يَا مَحْبُوبَةً لِهُتَافِ “يَا”!! كُفِّي عَنِ الجَبَرُوتِ يَا مِسكِيَّةَ الأطيَافِ! يَا وَرْدِيَّةَ الأَعطَافِ، يَا بَحْرِيَّةَ الألطافِ، إِنَّ الرُّوحَ وَالجَسَدَ اسْتَفَاضَا ذِلَّةً، فَتَعَطَّفِي، وَتَحَنَّنِي، أَرْخِي عَلَى نَارِي قَلِيلاً مِنْ سَتَائِركِ الشَّفِيفَاتِ الغَمَامِ، وَنَاوِلِينِي الكَأْسَ مِنْ شَفَتَيْكِ فِي بُطْءٍ يَلِيقُ بِكِبْرِيَائِي الجَائِعَةْ
الآنَ يَا أُمَّ البَرَاكِينِ الشَّهِيَّةِ! أَغْلِقِي هَذَا الهَوِيسَ المُسْتَبِدَّ، وَأَدِّبِيهِ! وَهَذِّبِيهِ! لِكَيْ يَكُفَّ عَنِ التَّحَرُّشِ بِي، صَبَاحَ مَسَاءَ، كَالذِّئْبِ المُرَابِطِ فِي التَّوَجُّسِ وَالتَّرَبُّصِ بالصَّحَارَى العَابِرَاتِ وَبِالبُرُوقِ الوَادِعَةْ.
الآنَ لَا تَتَكَاسَلِي! أَرْجُوكِ لَا تَتَكَاسَلِي! هَرَبَ اليَمَامُ البَرْبَرِيُّ، وَلَمْ يَعُدْ لِعِشَاشِهِ، وَدَمِي بِأَوْرِدَةِ المَدِينَةِ مَائِجٌ كَالبَحْرِ فِي النَّوَّاتِ، لَا يَدْرِي مَتَى تَأتِيهِ صَاعِقَةُ المَنَاقِيرِ الصَّغِيرَةِ، فِي الْتِفَاتٍ لِلْمَدَى هُوَ! فِي الْتِفَاتٍ دَهْرَهُ المَشْدُوَد بَيْنَ جَحِيمِ شَهْقَتِهِ وَبَيْنَ نَعِيمِ خَمْرِ قَمِيصِكِ الشَّفَّافِ، آهِ! تَحَرَّكِي! مِنِّي إِلَيَّ تَحَرَّكِي! وَإِلَيْكِ مِنْكِ تَحَرَّكِي! وَدَعِي الحَدائِقَ تَلْتَقِي أَغْصَانُهَا وَحَنِينُهَا، سَيَذُوبُ (إِنْ لَمْ تُرْسِلِي سَيَّارَةَ الإِسْعَافِ) إِنْسَانٌ بِكَامِلِهِ، بِكَامِلِهِ، يَذُوبُ أَسىً كَشَمْعٍ نَاعِمٍ، أَرْجُوكِ سَيِّدَةَ الزَّنَابِقِ! أَرْسِلِي التَّخْفِيفَ عَنِّي، سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ؛ لِيَسْتَطِيعَ النَّوْمَ مِلْحُ دَمِي المُقَلَّبِ فِي فَنَاجِينِ البِحَارِ الوَاسِعَةْ
سَيَذُوبُ إِنْسَانٌ بِكَامِلِهِ! تَذُوبُ ضِحْكَتُهُ، وَمَوْجُ دُمُوعِهِ اللَّهْفَى، وَرَقْصَتُهُ، وَرَكْعَتُهُ عَلَى عَرْشِ ابْتِهَالَاتِ الجَوَى، وَلَرُبَّمَا -لِحَنَانِها المَشْبُوبِ يَا حَجَرَ الهَوَى- نَزَلَتْ مُوَاسَاةً لِآهَتِهِ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ السَّابِعَةْ
لِتَلُفَّهُ فِي جُبَّةِ الأَنْوَارِ صَاعِدَةً بِهِ لِلْيَاسَمِينِ هُنَاكَ (لَيْسَ كَيَاسَمِينِكِ يَا نَبَاتَ الأَرْضِ) مُسْتَنِداً بِآهَتِهِ إِلَى غَزَلِيَّةٍ أَزَلِيَّةِ الإِنْشَادِ فِي وَجَعِ الضُّلُوعِ الهَائِمَاتِ، وَفِي مُرَاهَقَةِ العُيُونِ الغَائِمَاتِ المُولَعَةْ
آهٍ! وَدَاعاً وَرْدَةَ الكَوْنِ الجَمِيلَةَ،
لَيْسَ فِي الآفَاقِ نَافِذَةٌ تُطِلُّ عَلَى دَمِي! يَبْدُو بِأَنَّ اليَاسَمِينَةَ أَسْرَجَتْ أَخْتَامَهَا الحَمْرَاءَ كَيْمَا تَسْتَبِيحَ غُرُورِيَ الوَهَّاجَ، ثُمَّ وَتَمْتَلِي هِيَ بِالجَلَالَةِ! آهِ آهِ!! تَمَتَّعِي بِدَمِي المُقَدَّسِ يَا يَتِيمَةُ، لَنْ أُحَرِّمَهُ عَلَيْكِ، تَمَتَّعِي بِالنُّورِ فِي المِشْكَاةِ أَيَّتُهَا الصَّلَاةُ الضَّائِعَةْ!!
لَا! لَيْسَ مِنْ عَادَاتِيَ الخَضْرَاءِ أَنَّ الظِّلَّ أَمْنَعُهُ عَنِ الصَّحْرَاءِ، أَنَّ المَاءَ أَحْجُبُهُ عَنِ العَطْشَانِ، أَنْ كِبْراً أَضِنُّ بِإِصْبَعَيَّ عَلَى دِمَاءِ الوَقْتِ آخُذُهَا مَعِي فِي رِحْلَةٍ بَحْرِيَّةٍ كَيْ تَسْتَحِمَّ مِنَ الحُرُوبِ الزَّانِيَاتِ، وَمِنْ صَهِيلِ دَعَارَةِ الأَنْفَاسِ وَالرَّايَاتِ!! لَا! لَا! جَاءَ فِي إِنْجِيلِيَ المَبْثُوثِ فِي أُفُقِ التَّوَقُّعِ وَانْتِظَارِ الرِّيحِ: مَلْعُونٌ مَنِ اسْتَغْنَى بِغَيْرِ العِشْقِ، مَلْعُونٌ مَنِ اسْتَهْدَى بَغَيْرِ الطِّيبِ، مَلْعُونٌ مَنِ اسْتَعْلَى على الكَلِماتِ (مَا الكلِمَاتُ؟!)، مَلْعُونُونَ إِنْ قَامُوا، وَإِنْ قَعَدُوا، عَلَى سِيمَائِهِمْ قَتَرٌ، وَمِلْءُ جُنُوبِهِمْ خِزْيُ الحَيَاةِ الضَّارِعَةْ
آهٍ! وَدَاعاً أَيُّهَا العُشَّاقُ وَالزُّرَّاعُ وَالعُمَّالُ،
مَنْ بَعْدِي يُرَتِّلُ مَا تَوَلَّهَ مِنْ غَرَامٍ لِلْهَوَى؟ مَنْ يُسْرِجُ القِنْدِيلَ لِلْعَتَبَاتِ؟ مَنْ يَتَحَمَّلُ الآلَامَ قُرْبَاناً لِسَيِّدَةِ الزُّمُرُّدِ وَاليَتَامَى وَالبَهَاءِ المَحْضِ؟ مَنْ فِيهَا يُدَنْدِنُ فِي الصَّبَاحِ وَفِي المَسَا: كُلُّ النِّسَاءِ حَدَائِقٌ مَثْقُوبَةُ المَعْنَى! وَأَنْتِ (المَجْدُ لِلنَّهْدَيْنِ مُوسِيقَى كَرُوحِ الفُلِّ!) أَنْتِ طُفُولَةُ المَاءِ المُغَنِّي فِي فَرَادِيسِ الضُّحَى! أَنْتِ افْتِتَاحُ المُبْتَدَا! أَنْتِ اخْتِتَامُ المُنْتَهَى! أَنْتِ المَرَايَا الفَائِضَاتُ المُحْسِنَاتُ الجَامِعَةْ!!