جرّبْتُ يوماً أن أكون سِوايَ
غـيرَ الـسّومريِّ الزّاهدِ المسكونِ بامرأةٍ
ومـشحوفٍ” يطرُّ الهورَ ” ..
يخرجُ في الصّباحِ بعُدّةِ الصّـيْـدِ القديمةِ:
“فالةٌ” و”الزّهْـرُ”..
“قوري الشّاي” و “الخبزُ الرقيقُ”
فلا يعودُ قُبَـيْـلَ قهقهةِ الأصيـلْ
***
جَـرّبْـتُ يـومـاً أنْ أكون سِوايَ
غيرَ البابليِّ
كأنْ أكون الطائرَ الجَوّالَ
والغجريَّ لا وطـنٌ لهُ غيرُ الفضاءِ
وخيمةٍ تـُطـوى عـلـى عَـجَـلٍ
إذا أزِفَ الـرّحِيـلْ
***
أبدلـتُ باليشماغِ قـُبَّعةً ..
وبـالمَـشحوفِ نعْلَ تزلُّج ٍ ..
وبطـاسَة ِ اللبَـنِ الـشـنـيـنِ الكأسَ..
والـسُّمَ المُعــتـَّـقَ بالنَّميرِ الـسّلسبيلْ
***
طـوَّفـتُ في مُـدُنِ الـنّحاسِ..
قـطـفْـتُ مـن روضِ الـثـغـورِ الـوردَ..
لـكـنْ: فـي الـحقـيـقـةِ لم يـكنْ
إلا رماداً
غـيـرَ أنَّ الـسّومريَّ
توهَّمَ الجنفـاصَ قَـزّا…
كان يجْهلُ ما يُريدُ
ولـم تـكـنْ فـي حـيـنـهِ الـعـنـقـاءُ
قـد هَـبَطتْ ..
و”عـشقائيلُ” ذاك الوقتُ
لـمْ تـبْـعَـثـهُ بالبُشرى
لـذا فـالـسّومريُّ أضاعَ
قِـنديلَ الـسّبـيلْ
***
جرّبْتُ يوماً
أنْ أعـيشَ تمرُّدي في جَنّةِ المُتشرّدينَ:
غـفـوتُ في الـمُـتـنـزّهـاتِ
وفي مَحطاتِ القطاراتِ القـديمةِ..
قاسَـمَـتْـنـي غـادةٌ “روسِـيّـةٌ” مـأوايَ
فـوق الـمَـصْـطـبـاتِ
وفي الـمـزارعِ..
فـي بـيـوت ٍ بَـخـسَـةِ الإيـجـارِ
يَـنْـدرُ أنْ يـعـودَ إلـى أسِـرّتِـهـا؛
إذا خـرجَ ـ الـنـَّـزيـلْ
***
وصَحِـبْـتـهـا فـي رحْـلـتـيْـنِ..
وحينـما أفلسْتُ:
بعتُ الخـاتمَ الذهبيَّ والـسّلسالَ..
عِـشـنـا لـيْـلــةً حـمـراءَ
فـي نـُزُلٍ يُطِـلُّ عـلـى
مَـضيقِ “الـدّرْدَنـيـلْ”..
***
ثمّ افـترقْنـا بـعد يومٍ واحِـدٍ…
ذهـبَـتْ إلى “هـنـغـارِيـا” ..
وأنـا اتّـجـهْـتُ إلـى “بـلـغـرادَ”..
الـحـقـيـقـة، لـمْ أفـكّـرْ بـالـرّحـيــلْ
****
لـكـنّـمـا “اسْــتـنـبـولُ”
مـوحِـشـةٌ بلا مـالٍ
أنـشُّ بـه ِ ذئـابَ الـوحـشـةِ الـخـرساءِ
في الـليـل الطـويـلْ
***
ودّعتُ “آشا”…
صارتِ “اسـتـنـبـولُ” ضـيّـقـةً
وكـنـتُ عـلـى شـفـا الإفلاسِ
فـاخـتـرتُ الـتـوجّـه َ لـلـسمـاوةِ
غـيـرَ أنّ الـمـارقَ الـشّـيـطـانَ أغـوانـي ..
فـيَـمَّـمْـتُ الـحـقـيـبـةَ نـحـوَ “صـوفِـيّـا”..
رقـصْـتُ… ثـمـلـتُ… نـمـتُ بـفـنـدقٍ..
أفـلـسْـتُ: بعـتُ الـسّـاعـةَ الـرّولـكـس ..
بعتُ الـسترةَ الـجـلـديـّـةَ..
الـقـمـصـانَ.. بعـتُ حـقـيـبـتي..
سـأعـودُ -قـالَ الـسّــومَـريُّ-
الى الـحـقـيـقـةِ:
لـنْ أكـون سـوايَ ..
يـأبـى أنْ يـفـرَّ مـن الحـمـامـةِ
ســيّـدُ الـشـجـرِ الـنـخـيـلْ
***
فـرجـعـتُ صَـبّـاً سـومَـريّـاً:
يـرتـدي ورداً
ويـصنعُ لـلـتـي صارتْ تـُسمـى
نـبضَ نـبضـي:
مِعْضَـدا ً مـن فِـضّـة ِ الكـلماتِ ..
ثـوبـاً مـن زهـور الـيـاسـمـيـنِ..
حُلـىً… ومِـسْبـحـةً… وقِنـديـلاً بـتوليّـاً…
وشـالاً مـن يـواقـيـتِ الـهَـديـلْ!
***
ورسـالـةً بـيـضـاءَ مـن عَـتـَـبٍ
مُـبَـلـلـةً بـدَمـعِ نـدامَـةِ الـقـلـبِ الـمـوَزّعِ
بـيـن مـفـتـاحِ الـغـدِ الـمـاضـي
وبـابِ الـمـسْتحيلْ..
***
أأنـا قتـلتُ بسـيْفِ وهْمـي
الـسّومـريَّ الــعـاشـقَ الـمـسكونَ
بـامـرأةٍ
ومـشحـوفٍ “يطـرُّ الهورَ”؟
أمْ كـنـتُ الـقـتـيـلْ؟
***
أيّاً أكونُ : فـإن مُلهِمَـتـي الـتي
باتتْ تُسمّى نبضَ نبضي
لم تكنْ قـد أرسلتْ
بالأمس “عشقائيلَ”
فانزَلقَ الفؤادُ عن السّبيلْ