للبحث العلمي أدواته وطرقه وأساليبه المنهجية المتعارف عليها، ونعلم أن البحث قد يكون نظرياً باتباع أسلوب استقراء المعلومات وتحليلها، انتهاءً بعرض النتائج، أو تجريبياً معتمداً الوسائل المتاحة مادياً لجمع المعلومات والبيانات والإحصاءات، بما في ذلك نتائج المختبرات ذات الصلة بحقل العمل العلمي متخصصاً كان أو عاماً، تنضوي تحته معارف وفروع علمية شتى. وقد يكون البحث جامعاً بين النظرية والتجريب، ومن أشكاله مثلاً اتباع إستراتيجية المزاوجة أو التفنيد بين المعلومات الواردة في المراجع الموثقة ونتائج ما تتوصل إليه الملاحظات والمشاهدات على الطبيعة.
يسلط المجتمع العلمي الضوء على تصرفات غير مشروعة تقترن بأنشطة البحث العلمي، منحى التصرفات كونها خارقة لمبادئ الأمانة العلمية، والتي في غيابها، تتدفق الأضرار التي تحيق بالعملية التعليمية ذاتها، وبما ورائها في مجال التطبيق العملي، إذ إنه يجب تحت أي ظرف من الظروف اتسام القائم على البحث العلمي بالشفافية المطلقة والانضباط التام. إن عدم الالتزام بالأمانة العلمية، يمثل لا مناص جريمة ضد العلم.
لقد تناولت أدبيات عدة صور انتهاك الأمانة العلمية، ولعل أبرزها تصرفات الغش في المجال الأكاديمي، وهذا المقال يتناول تحليل هذه الظاهرة باعتبارها الجريمة الكبرى من الجرائم ضد البحث العلمي، وذلك في ضوء أحدث البحوث العلمية، والتي توصلت إلى نتائج وتوصيات، يكون من عموم الفائدة وضعها تحت نظر واضعي سياسات البحث العلمي في وطننا العربي.
يرتبط الالتزام بأخلاقيات البحث العلمي في المجتمع الأكاديمي بمستوى الالتزام بالأخلاقيات العامة في المجتمع، وإن كان من المفترض أن تكون درجة الالتزام أعلى بين الأكاديميين، باعتبارهم نخبة تعمل من أجل معرفة الحق والحقيقة وتتمتع بمستوى عال من الوعي. وترتبط الأخلاقيات في مجال البحث العلمي بالتنشئة الجامعية الأخلاقية في إطار علاقة صحية بين الطالب الجامعي وبين زملائه، وبينه وبين أساتذته، وبينه وبين المؤسسات الطلابية الجامعية.
تنشأ معظم المعضلات الأخلاقية نتيجة عدم فهم الباحث العلمي العلاقة بين العمل الأكاديمي والمجتمع والدولة، وكذلك عدم الإحاطة بالتباين بين طبيعة البحث العلمي في الدول النامية والدول المتقدمة، وعدم مراعاة أخلاقيات التعامل مع البيانات أو الإحصاءات، والتي إن تمت في إطار لا تراعى فيه القواعد العامة لاستخدامها، فقد تقود إلى نتائج خادعة، كما أنها قد تستخدم كاستغلال لترويج منتجات، أو لتبرير سياسات ما.
إن أهم مبادئ وأخلاقيات البحث العلمي هي الصدق، والدقة، والانضباط، والأمانة، والحرية، والاهتمام بالأصالة، وبتقديم البرهان، والثقة، والاحترام، والجرأة في إبداء الرأي بلا وجل، والدفاع بقوة عن هذا الرأي حتى الاقتناع بغيره، وتوافر الخبرة والتوافق الطوعي بين الزملاء ومراعاة مشاعر الآخرين، والشعور بالانتماء للمجتمع والجماعة العلمية. والعمل على التجويد المستمر، ومراعاة ضوابط الإسناد المرجعي.
صحيح أن معظم أعضاء مجتمع البحث العلمي، هم أمناء من حيث المبدأ، إلا أن الغش وهو يعرف بأنه القيام بأفعال وتصرفات تتصف بالخداع أو التضليل من أجل نفع أو مزية ما؛ قد أصبح منتشراً اليوم في الوسط العلمي. وقد كشف مسح أجراه الباحثون في جامعتي راتكرز وبنسلفانيا عن أن نحو 34 % من 1800 طالب ينتمون إلى تسع جامعات حكومية أمريكية اعترفوا بأنهم ارتكبوا عملية غش في اختبارات أو واجبات جامعية مكتوبة. وفي العام 2005 قدم اختصاصيو علم الاجتماع بولاية مينوسوتا نتائج بحث انتهى إلى أن ثلث عدد الباحثين العلميين الذين تم سؤالهم قد اعترفوا أنهم تورطوا في ممارسات بحثية تحوم حولها الشكوك والشبهات خلال السنوات الثلاثة السابقة.
إن انتشار الغش بشكل عام، يلحق الأذى ويتسبب في الإضرار إما بالأفراد أو المجتمع ككل، صحيح أن الغشاشين يصبحون موصومين في شرفهم، ويمكن أن يفقدوا وظائفهم، لكن موارد المجتمع تبدد وتهدر بسبب جرائم الغش والاحتيال. وإذا كان الأفراد الذين يتلاعبون بالقواعد، ويتحايلون يحرمون من الجوائز التي لم يستحقوها؛ إلا أنه قد تكون هناك أضرار جانبية لأعمالهم تمس غيرهم. والبحث العلمي غير الأمين والقائم على الخداع، قد يوجه الباحثين الآخرين إلى مسارات خاطئة، وقد يؤدي إلى سياسات عامة مضللة، والى إلحاق الضرر والأذى بالمرضى في حالة أن تكون قرارات الأطباء الإكلينيكية مبنية على معلومات خاطئة أو معيبة.
من هنا تجيء أهمية وضع قيود فعالة على محاولات الغش. غير أن الضوابط القائمة في المجتمعات البشرية لا تزال بحاجة إلى تدقيق وتحسين. وقد اكتشف العلماء، عبر جهودهم للتوصل إلى فهم أفضل لظاهرة الغش، أن الرغبة في الابتكار، والخوف من فقد المكتسبات، وكذلك الاطلاع على سلوك الخداع عند الآخرين؛ كل هذا يمكنه أن يبعث على ارتكاب الغش، أو أن يجعله أقرب إلى إمكان الحدوث. وهذه المنبهات والمثيرات، ومعها إدراك يتزايد قوة في أن الغش يمكن أن يكون معدياً، لعلها تساعد على فهم “الوباء” الذي انتشر حديثاً في الأوساط الأكاديمية، وباء الغش والمخادعة والتضليل، كما أنها توجه الأنظار إلى وضع خطط تستهدف الحد من انتشار السلوك غير الأمين في تلك الأوساط، فما أبعد ميدان البحث العلمي عن أن يكون محصناً ضد محاولات القيام بالغش، لكنه هو أيضاً من يستطيع أن يجعلنا نفهم لم يرتكب الناس الغش، وأن يدلنا على ما يمكن فعله في هذا الشأن.
الغشاشون علمياً
إن البشر كثيراً ما يسارعون بدرجة مذهلة إلى ارتكاب الغش، وذلك إذا ما كانت الظروف تسمح بذلك. فقد وصف الباحثون بجامعة ديوك العام 2008، ما حدث عندما طلبوا إلى طلبة جامعيين حل مسائل رياضياتية مقابل مكافآت مالية، فحين قام الباحثون بتغيير شروط التجربة على نحو يجعل الطلبة يدركون أن الممتحن لن يستطيع اكتشاف وجود غش، فإنهم وجدوا أن متوسط مستوى نتائج الاختبار التي يقدمها الطلبة بأنفسهم ارتفع إلى درجة عالية تلفت الانتباه. وقد تحقق الباحثون من أن النتائج التي تضخمت لم تكن عند قلة من الطلبة الذين قاموا بالغش، بل بالأحرى عند كثرة منهم قاموا بالغش ولو قليلاً.
وقد أظهر بحث نشرته جامعة رتكرز حديثاً، يبين أن الذكور من بين من يقومون بالأبحاث في علوم الحياة هم الأكثر احتمالاً أن يقدموا على الغش في أبحاثهم من زميلاتهم الإناث. وهناك إثباتات على سوء السلوك على كافة مستويات الهرم الأكاديمي، من الطلبة إلى الأساتذة، ولكن الرجال هم الأكثر حضوراً بكثير على قائمة المذنبين، وكما أن الذكور هم من يرتكبون جرائم أكثر من الإناث، فأنهم أيضاً، على مستوى الأوساط الأكاديمية، من يتوقع أن يرتكبوا الغش والاحتيال بنسبة أكبر.
توصل الباحثون إلى طبيعية الدوافع التي تبعث على الغش، فمما يؤدي إلى سلوك الخداع غير الأمين، إضافة إلى عامل توقع الكسب؛ هناك عامل الخوف من الخسارة، فلاحظ الباحثون في جامعتي متشيكان وكارنيكي ميلون، أن الفزع هو دافع أعظم قوة في هذا الصدد من الرغبة في الحصول على مكافأة. وقد انتهوا إلى التقرير بأن كثيراً من حالات اللجوء إلى الخداع وعدم الالتزام بالأمانة في العالم الحقيقي، إنما تحدث حين يجد بعض الناس أنفسهم في موقف يحتمل فيه أن يفقدوا مالاً أو سمعة أو وظيفة.
ويرى بعض الباحثين أن القلق بشأن الخسارة هو دافع أساسي لارتكاب الغش في ميدان البحث العلمي. وهذا ما تحقق منه باحثو البيولوجيا والأعصاب بنورث كارولينا وجامعة واشنطن، وكلية البرث آينشتاين حين قاموا بعمل مسح لألفي بحث علمي غير مقبولة للنشر، وأغلبها في العلوم البيولوجية. وأعلن الباحثون في العام 2012 أن معظم البحوث المرفوض نشرها يرد إلى سوء السلوك في إجراء البحث العلمي، وأغلب أشكال هذا السلوك هو الغش والاحتيال، وأن أسباب هذا التوجه هو تعاظم درجة الضغوط الباعثة على زيادة حدة التنافس من أجل الحصول إما على منح البحوث أو الوظائف الأكاديمية.
في بحث نشر في ذات العام المنصرم أيضاً انتهى علماء جامعة كولومبيا إلى نتيجة مفادها أن من أعظم بواعث إساءة السلوك البحثي عند المتدربين على عمل الأبحاث هو تخوفهم من أنهم سيفشلون في صعود السلم الوظيفي، وإمكانية الخسارة تخلق ما عبر عنه بعض الباحثين بأنه “الدافع الأعظم” نحو سلوك سبيل الغش، وهو الدافع الذي قد يؤدي ببعض الأفراد إلى القفز فوق الضوابط الأخلاقية المعهودة.
شبح انتشار الغش العلمي
يمكن للغش أن يتوالد، فالغشاش كما يرى الباحثون، وقد أتى فعلته من قبل، فلماذا لا يفعلها من جديد؟ وهذا يفهم من خلال قول لطيف لأحد الباحثين، حيث ذكر (ولم لا، فمادمت قد أفسدت نظامي الغذائي، إذن سأتناول قطعة الحلوى هذه هي الأخرى)، وهذا يذكرنا بالمثل الشعبي الذي يقول (اللي خلاك تشرب البحر، اشرب البحيرة)، أو المثل القائل (ضربوا الأعور على عينه، قال ما هي خربانه).
لقد لاحظ الباحثون في دراستهم حول الأبحاث غير المقبولة للنشر، وجود تكرار في ارتكاب السلوك الخاطئ عند باحثين علميين ممن أصبح الغش والخداع عادة لديهم، إذ رصد الباحثون حالة اختصاصي في دراسة التحذير (فصل من جامعة طوكيو)، لفق بيانات ما لا يقل عن 183 مقالة علمية.
يشير الباحثون إلى طريق آخر ينتشر به الغش، وهو سلوك التقليد، فرؤية شخص آخر يرتكب الغش، من غير أن تكون هناك عواقب ظاهرة تنتج من هذا، هو مما يشجع الغير بشدة على القيام بالعمل نفسه. فحيثما لا تكون هناك رقابة الغش، فإن هذا قد يدفع المرء إلى أن يتصور أن عليه أن يغش كي يبقى قادراً على التنافس مع الغير.
وصف بعض الباحثين الغش بأنه معدٍ، ينقل عدوى عدم احترام القواعد، فيمكن أن ينتشر في الوسط التعليمي كانتشار عدوى الأمراض بين الناس، ويتحول الغش إلى وباء إذا لم يتم علاجه في بدايته، ويضرب الباحثون مثالاً لحالة شاب يدعى “باريكس”، كان يوماً ما شاباً واعداً ضمن مجموعة المتدربين بعد حصولهم على الدكتوراه في مختبر الحائز على جائزة نوبل “بالتيمور” بمعهد كاليفورنيا للتقانة (MIT). وقد اعترف الشاب في مقابلة صحفية نشرت العام 2010، بأنه كان يختصر بعض الإجراءات بشكل معيب، إلا أن (بالتيمور) لم يكن يدرى شيئاً عن ذلك السلوك في تلك الفترة. وحين انطلق الشاب يعمل في مختبر خاص به في المعهد، تضخم سلوكه الاحتيالي غير الأمين وزاد شدة. ففي العام 2009، اكتشف مكتب نزاهة البحث العلمي أنه قام بتزوير البيانات التي أوردها في العديد من طلبات المنح البحثية، وكذلك في المقالات التي نشرها وفي عروضه عن أبحاثه، وقد رفض خمس من مقالاته البحثية، وفقد الشاب وظيفته جراء ذلك.
وأكثر من ذلك، فقد يستطيع فعل ارتكاب غش واحد أن يؤدي إلى نتائج كارثية يبقى تأثيرها لأمد طويل في المجتمع ككل. وأحد الأمثلة الشهيرة على ذلك هو حالة مقالة نشرت في مجلة Lancet عام 1998م، وكان قد كتبها باحث بمستشفى رويال فري بلندن يدعى ويكفيلد. وذلك في تخصص تكوين الجهاز الهضمي وأمراضه، والتي أراد إن يثبت فيها وجود رابط بين مرض التوحد وأمراض الأمعاء والتطعيم ضد الأمراض. وهذه الدراسة، التي أصبح أعضاء هيئة التحرير في المجلة الطبية البريطانية (BMJ) يصنفونها من بعد بأنها “غش مقصود في شتى تفاصيلها”؛ قد أدت إلى إذكاء الحركة الحديثة المناوئة للتطعيم، إلى حد أن الثقة العامة في التطعيم تستمر بالتآكل، بما يؤدي إلى حدوث حالات من العدوى كان يمكن منعها إذا ما جرى التطعيم المناسب.
مواجهة الغش
علماء النفس والإنثروبولوجيا في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، يرون أن البشر يتمتعون معاً بالقدرة على الخداع والتضليل، وكذلك بموهبة مميزة في اكتشاف الغشاشين، وقد أجريت بحوث حول “الموهبة على كشف التضليل وخيانة الأمانة”، وقد خلصت النتائج إلى إمكانية ابتكار خطط أكثر فاعلية في الحد من الخداع أكثر وأكثر، ولعل الخطط الأنجح تلك التي تتناول موادها آليات التربية، من خلال حفز وتدعيم القيود الشخصية التي تحول دون ارتكاب الغش وخيانة الأمانة، ويفضل كثير من الباحثين مثل هذه الخطط التربوية، على نظيرتها التي تنتهج قسوة العقوبات المطبقة على حالات الغش.
وبحسب بعض الباحثين فإن صورة المرء عن نفسه هي قيد ذو أهمية من أجل منعه من ارتكاب الغش وخيانة الأمانة، ذلك أن البشر لا يرتكبون الغش حينما يجعلهم ذلك ينظرون إلى أنفسهم نظرة سيئة. أما حين يحدث ويقومون بالغش بالفعل، فإنهم ربما يلجؤون إلى ابتداع مسوغات لما يفعلونه تبدو عقلانية، وذلك حتى يظهروا أمام أنفسهم بمظهر أفضل. وهكذا، فإن مما له وزن معتبر وتأثير أشد في الحد من الغش هو التذكير المتكرر بميثاق للشرف، أو اللجوء إلى جعل الأفراد يوقعون على إقرار بأنهم لن يرتكبوا غشاً.
إن إدراج مادة دراسية مخصصة لمبادئ الأخلاق، موضحاً فيها الثمن الباهظ للغش وآثاره المدمرة، يعد من الحلول الناجعة في كبح جماح الغش في المعاهد والكليات، وليصير مفهوم انتحال أفكار الغير راسخاً في الأذهان.
إن المراقبة وتشديد العقوبات على الغشاشين هما أداتان مهمتان وضروريتان للحد من انتشار الغش. وكما أن اختبارات تشخيص المرض يمكنها الكشف عن تعاطي الرياضيين للمنشطات، كذلك فإن الفحص الدقيق لبيانات البحوث، مع الاستعانة بالأدوات الإحصائية، يمكنه الكشف عن حالات الغش بين الباحثين العلميين. ويتعين على هيئات الرقابة مناقشة السلوك المنافي للأمانة العلمية علناً. وعليها أيضاً النشر بصفة دورية للمخالفات والتذكير بالقواعد الأخلاقية، وتوضيح العقوبات التي طبقت على الغشاشين.
إن مكافحة الغش تتطلب النظر إلى الأمر في آن واحد، من جهات متعددة، وذلك من أجل تشجيع قيام ثقافة أكثر احتراماً لقواعد الأخلاق، وينبغي تعديل نظم الجزاءات ضد من يسيء السلوك العلمي.
والملاحظ في المكتبة العربية من دراسات وبحوث معمقة تناقش أخلاقيات البحث العلمي من كافة الجوانب، فكل ما هو مطروح مجرد مقالات تتناول السرقات الأدبية، انتحال أفكار الغير وما شابه. وبين الحين والآخر تكشف دوريات النشر عن حالات خروج عن الأمانة العلمية، مسلطة الضوء على تصرفات غير مشروعة لباحث أو كاتب ما، مما يمثل وصمه أدبية شديدة التأثير على المخالف، وهذا في الواقع يحقق الرادعين العام والخاص وهما اصطلاحان معروفان في مجال الوقاية من الجريمة.
لذلك يكون منافياً للأمانة العلمية بل إن جهة النشر تعتبر غير أمينة أن تتغاضى عن بث المخالفات العلمية، وفاعليها. أياً كانت مراكزهم أو مراتبهم أو شهرتهم.
وعلى المستوى الأكاديمي، تحتاج جامعاتنا العربية، إلى تنظيم قاعدة بيانات يسجل فيها جميع المخالفات الأخلاقية، تحت متابعة ورقابة إدارة متخصصة في “نزاهة البحث العلمي”، مفتوح أمامها الاتصال المباشر بالمجلس الأعلى للجامعات، وعليه سرعة إصدار دورية متخصصة في نشر المخالفات التي تقع في الوسط التعليمي، وبيان مرتكبي المخالفات وطبيعة ونوع المخالفة، مع تشريح كيفية ارتكاب الفعل غير المشروع.
إن تقييم الخروج على أخلاقيات البحث العلمي، من وجهة نظر علماء الجريمة، حاجة ملحة، فما زالت المخالفات تقيم في ضوء المبادئ العامة لقانون العقوبات، ونصوصه في مواد العقاب على التصرفات غير المشروعة، لا تستوعب جميع صور السلوك المخالف لأسباب تتعلق بالفن القانوني اللهم من بعض قوانين خاصة تكافح انتهاك حقوق المؤلف، ورغم ذلك فهي غير كافية لتركيزها على المسؤوليتين المدنية والتأديبية أكثر من المسؤولية الجنائية. لذا دقت الحاجة إلى صدور قانون خاص يجرم انتهاك أخلاقيات البحث العلمي، ويضع قواعد قانونية محددة للعقوبات الجنائية وما يترتب عليها من آثار، وليس في الأمر مبالغة لو تم تخصيص دوائر فضائية جنائية تنظر مثل هذا النوع من الجرائم.