لا زهرهُ يندى ولا هو ينفخُ
ذاوٍ على طرف الصبا مُتصوّحُ
ريّانُ أميَسُ هدّلت أطرافهُ
هوجاء من نار المطامع تلفحُ
فرعٌ من الزيتون لم يخفق له
فننٌ ولم يسجع عليه صيدحُ
أنداؤهُ من حكمةٍ أبديةٍ
صمتت فما تلغو ولا تتفصّحُ
وغذاؤهُ من رحمةٍ علويّةٍ
يضفو بها طيفٌ هناك مُجنّحُ
تخذ السلام قصيدةً قدسيةً
يشدو بها شادي السلام ويصدحُ
لو رنّ هاتفها بسمع كتيبةٍ
هوجاء في رهج اللظى تترجّحُ
سجدت له الأسيافُ خجلى رهبةً
وتكفّأت فوق الثرى تتطوّحُ
يا سرجةً برواق جينيف ارتوت
من جدولٍ بدم الضحايا ينضحُ
نبعٌ من الأرواح سلسل فيضهُ
وجرى على بطحائها يتفوّحُ
ينسابُ من خلل الجماجم صاخبا
أمواجهُ من كل عرقٍ تطفحُ
ماذا دهاكِ فلم يدعْ سوسانةً
من هوله في جانبيك تُفتّحُ
صوتٌ من الطليان أروعُ غاشمٌ
مُتحفّزٌ بين الورى يتبجّحُ
خدعتهُ صامتةُ القنابل حينما
ذهبت تُهدّد بالردى وتُلوّحُ
مجنونةٌ بالموتِ جُنّ حديدها
ومريدُها خطرا يروع ويفدحُ
رعناءُ لو مسّت مطارف شاهقٍ
لانْدَكَّ من عالي الذرا يتطرّحُ
سكرى بخمر الموت تهذي جهرةً
بملاحنٍ من كبرها تتوقّحُ
خرساءُ لو نطقت أصمّ ضجيجها
أُذُن الحياة، فلا تعي ما تُفصحُ
حُبلى بنسل النار يا ويلاهُ إنْ
ولدتْ فحتفٌ للبريّة يكسحُ
كم أفزعت عزريل حين تبرّجت
تلهو على جثث ِ العبادِ وتمرحُ
سلْ أمةَ الأحباش كيف تفزّعتْ
وغدت على قُضب القنا تترنحُ
لم تغنها الأجبال تعصم هاربا
أو شاكيًا تحت المغافر يرزَحُ
خيماتها في الحرب لو أبصرتها
شُعلاً على كنف الهواضب تُلمحُ
هي ألسنٌ للحق ذاع بيانها
ضرمّا عن الوجد المكتّم يُفصحُ!
يا ربّ مسودّ الجبينِ بظلها
قسماته عند الوغى تتوضّحُ
يُصليه إيمانُ العزائمِ باللظى
فيظلّ من قبساته يتروّحُ
يلقى الطغاةَ بعزمةٍ لو صادفتْ
قلبَ الحديدِ لخرّ بالدمِ يرشحُ!
يا فارس الرّومِ العنيدَ تحيةً
من شاعرٍ باللّوْم جاءك يصدَحُ
أنغامُهُ في النيلِ ضيّعها الأسى
وهي التي بهوى البلاد تُسبّحُ
عُذرِيّةً تشدو، فإن هي أقبلتْ
تأسو يراوغها الشمات فيجرحُ
صرخت على حريّةٍ مسلوبةٍ
شعراؤها في كلّ فجٍّ نُوّحُ
ما ضرّ لو امهلتْ طائشةَ الوغى
قومًا تغادوا بالشكاةِ وروّحُوا؟
أوطانهم! يا رحمتا لمصيرها!
أملٌ لسُفّاكِ الطغاةِ ومطمحُ
فزعوا من الغارات تخنقُ جوّهم
فيضرع بالموت الأصمّ وينفحُ
الله طهّره هواءً طيّباً
كالروض ضمّخه العبير الأفيحُ
وابنُ التّرابِ أحالَهُ مسمومةً
نكباء ذاريةً تُبيد وتفدحُ