توطئة
زاملتُ الأستاذة الشاعرة مالكة حبرشيد المبجلة مذ قرابة عقدين – و كان حضورنا الأجمل في منظمة شعراء بلا حدود – ألفتها خبرتها شدَّني و أنا المولع بالفراهيدية و العمود – ساحر أسلوبها – لغتها الأنيقة – عبارتها الرشيقة – مذهل تراكيبها – سلاسة و انسيابية مطواع اللغة التي تتدفق سبسب ينابيع غير متكلفة- معجمها الزاخر بعذوبة المفردات تجددها و ترفعها عن الإسفاف و الحشو و الكم و مجرد الكتابة دون حس أو ذائقة – موضوعية تناولها و الأروع من ذلك كله جرأة طروحاتها وتناولها بما يكتنفه عمق الأنثى الشرقية من عذابات وينطوي عليه من غبن و جحود و حرمان و تهميش دور، بل هي أكثر من لمست فيها الموضوعية و الجدّية و العناية و الإعتداد المتواضع – حيث تجلّتمالكة و خلقت لشاعريتها عرش هالة يعمل يتفاعل يتناغم سكينة وجدان – كانت عالما مستقلا يعمل بصمت دون جلبة أو ضجيج ..لم أشهد لها ذات يوم أيّ احتكاك مع وميل او نظير – ندّت بخصوصية عوالمها بعيد عن كل ندٍّ و ضريب.. راقني كثيرا ذلك العالم الهاديء النائي كمملكة سوّرت نفسها بالوضوح الساكن.. وكان أن قد ألقيت العديد من الأضواء السيكولوجية على بعض قصائدها من قبل و كانت لنا تجارب سابقة تستحق التأمل.. والمذهب الحديث الذي سلكناه هنا يعتمد الغور في عمق مصطلح (المعنى في قلب الشاعر) ويتبنّى محاولة التغلغل في كنه المقاصد و حلحلة الألغاز و محاكاة المبهم – حيث أن النقد الأكاديمي يعني المتخصصين دون العامة – وما نتفاعل به ونقدمه هنا يعني عامة القراء و متذوقي الشعر مع خالص تحياتي.
(متاهات الغموض) العنوان يشي بالكثير عن العصر المطلسم بالغموض وضبابية الرؤى يعج في دروبه صخب المتاهات.. العنوان وحده يستحق التأمل- كلوحة تدلّت على جدار أعماق الشاعرة وترنحت وربما راحت تتأرجح تتابعها حيرة الوجدان الشاعر.. ومن جوفِ التّعاويذ
يطلعُ الأنينُ متْخمًا بالأمل
نبضًا يعْزفُني في جسدِ الموت
من أعَالي التّعب تُطلُّ عيونٌ عتّقها الانتظارُ
من روح الموروث المؤدلج ما بين البراءة و الخرافة يطلّ ذلك الهاجس الذي يحاول لملمة منفلت أحاسيس المتعبين المتشظية لخدر حاجة و بديل عن لامناص حيث يطلع الأنين لكنه مصحوبا بثمة هاجس من أمل-عبارة أنيقة لالتفاتة سيكولوجية مدهشة لعمق البسطاء – يتشبثون نملة مضطربة دوّامة موج – بقشة نجاة أو أيّ أمل ينعش خطا التواصل مع الحياة – تصفه الشاعرة بـ (التخمة) – التي تعني عمق القناعات المسطّحة عند البائسين – هو نبض في هامد جدث مات من زمن بعيد وكأن ذلك التعب جبل تعب يتربع على صدر الهواجس و من فوقه تطلّ تلك العيون التي ذبلت في بريقها بشارات الأمل عبر طول انتظار.. حين نتأمل لغة مالكة نجد أنّها تملك معجماً غنيّاً قلّ نظيره – عميق موغل في الأصالة يجمع بينها والمعاصرة – كسلاسة وانسابية ورشيق صور جمالية ..
في جُذورِ الصّمتِ
تحاولُ استجماعِي
من رمادِ الذّاكرةِ
ابتكاري من نسغِ المسافةِ
حرفًا يُفتّقُ أسرارَ كَينونةٍ غافية
كارثةٌ …..
أن أنتظرَ اللا جدوى
في رحابِ عدمٍ
أَشرعَ لحظاتِه
على حُقولِ الوهمِ
استرخَى على جدارِ استحالَة
هي شِعابُ النّهايةِ
ألقصيدة عند مالكة نسيج هندسيّ متناغم – يتناثر متوااءم أبعاد على أنيق خارطة ملوّنة بالجمال، يبدو للناظر والذائقة كلوحةٍ واحدةٍ منسابة ك سلسةٍ – حيث يصعب على المتتبع أو الناقد أن يقتطع أو يجتزيء أو يشعر بفاصلة لغرض الغوص الإستعراض المحاكاة و النقد، حيثُ تُحلِّقُ مالكةٌ فارسةً تطلقُ لمُهـرِ شاعريّتها العنان – دون وقفة انكسار نغمة او شعور بأدنى مطبّ أو مثابة تُلتَقطُ فيها الأنفاس- حيث تدفّق شاعريتها يجبرك على مواصلة القراءة والانسراح الرائع في حقل جمالية القصيدة المُترع بالأناقة و الجاذبيّة ..
في جذور الصمت تحاول استجماعي –
من أين
من رماد الذاكرة ابتكاري
من نسغ المسافة –
لا أستطيع التوقف و صنع الفاصلة كمحطة أتأمل عندها – لأتقحم عوالم الإبداع تلك -لو تتأملون لو تدكون- روعة الصورة والعبارة والتركيبة الرائعة والأبعاد – كل أحاسيسي تنطّ كبراءة طفل.. ألله – كم رائع هذا التساوق من بليغ المنطق و الشاعرية -للصمت جذور – هي كناية قرارة الحكيم الصامت (المُستفَـزّ) الذي يحاول عبثاً سبر كنهه عابرٌ عابثٌ متطفّلٌ على مملكة الأحاسيس وآلهة النقاء – و يجيء الجواب: – من رماد الذاكرة
التي سلكت وريف عشبها
عجلات السأم
و شحبت و ماتت
دون أن تحظى لمسة وداد ..
تتوّهُني في جلالِ صبحٍ
لا يتنفسُ الشّمسَ
ولا يعرفُ ألوانَ الزّنابق
يالها من متاهات صبح رمادي ضبابي لا تكحل عيونه شعاعات شموس الأمل ولا زاهي ألوان الورود .. أي صبح كئيب هذا ..؟
هي يقظةٌ شبيهةٌ بالعنكبوت
مبتليةٌ بالنّفي
مُذ أطلقَ الغدُ عدوهُ المحمومَ خَلفِي ..
أيّ يقظة تلك التي تشبه يقظة العنكبوت النائي والواهي والمنفي بيتا في حلك زوايا العزلة و العتم …؟! ..ما الذي يقصي الذات الإنسانية غزالة رعب شرود من ذئاب القدر ..؟
صعدتُ درجاتِ الانهيارِ
حتى أدمنتُ الاحتراق
غلبتْنِي شهوةُ جَلدِ الذّات
فاستفرغْتُني شُهبًا
بينَ خرائبِ الرّوح
وحدها المرآةُ
باركتْ صُعودي
نحوَ الهاويةِ
بعدما أهدتْ تلفِي لريحٍ صرصرٍ
لا يحضنُها الفضاءُ
وحده الشاعرُ يتألق احتراق صعود و عُروج ألم على سلالم الجمر بقدمين حافيتين وعري روح تستشرف رؤى النار وحده الشاعر يتسلق الأضواء و يحلق بجنحين داميين يراه العارفون عند قرص الشمس.. لكن هناك ما يربك مشهد احتظار ألقه حيث يخر متعباً هُـوَّ سحيق واد .. وحده الشاعر من يدرك ألم تهشم المصابيح عزلة زوايا البكاء ..
قسوة ….
أن تدرك
أن ما مضى كله صفحةٌ شاغرةٌ
كنتَ فيها مجردَ خطوةٍ عاثرةٍ
لم تكنْ تملكُ فرصةَ استدراكٍ
ولا…. فرصةَ إبرامٍ ….
تحيلُكَ نحو اللا تردد
أو نحوَ فُسحةٍ للعبورِ إلى المحو
وأية قسوة تلك التي و أنت بكل وهج و غرور وكبرياء الشاعر المغتسل بالندى تجد ذاتك في محيط لا يشبهك ينظرك بعين الريبة يستغلك بأبشع صورة يصدك يهمل تشاحب الضوء في عينيك المتعبتين بينما تشعر أنك ينبغي و يجب و أنك تستحق القداسة لكنه الجحود ولعنة الكفر – و تحار وسط محيط الهوس الفوضى لاتدري أي الشواطيء تمضي و كل الفنارات عابسة قطوب.. تلك فلسفة راهب و رطانة جرح حكيم.. و لكن ..! المكان و الزمان الخطأ ..
أجزائي الآنَ
على بابِ النِّهايةِ تتدافعُ
من أجلِ الخلاص
والابتسامةُ همزةُ وصلٍ
بينَ الرّمادِ والذّاكرةِ
هو خيطٌ رفيعٌ يشدُّنِي
إلى الأيامِ الرّاكضةِ دُوني
لو يتوقفُ هذا الفقدُ
لأستجمعَ ذواتِي
أعيلَ نبضَها للخفقِ
من حيث شهقتِ المسافةُ
شهقتَها الأخيرةَ
لأمارسَ ثورةَ المجازِ
على الوجوبِ
ثورةَ الضّد
على التّرادفِ
أجزاء روح أحاسيس قيم و اعتبارات وخلاصة شاعر – معادلة بتشابك حدود من ألسنة لهب تتدافع مجازا عند بالي نهاية حيث يوحف نحو عين الشمس الجليد -هنا – كأن مالكة تنبّه العالم من دنوّ الآزفة حيث من علاماتها أن يُبتذَلَ النُّبلُ و يكفـرالعابرون بالنقاء و القمامة بالورد وسنابك الغزاة بالتحضّر و دموع الأطفال و الأبرياء .. ياله من ترابط و استرسال للبناء المتنامي للقصيدة يتقادح ومضات سحر و رسوماً جماليّة لصورة شِعرية هائلةٍ مترابطة تتوالد تترى على ذات نسق مبهر للتأمل و المعنى سجادة محبوكة اللون و النسق و الأبعاد والجمال ..
ما أوحشَ الهروبَ في الغياب !
ما أعتمَ الرّحيلَ
في سؤالِ الجسدِ والحواسُ
جاهلةٌ لا تجيدُ فكّ ألغازِ الأرق
ولا نظمَ قصيدةٍ
لشعورٍ عصيٍّ عن البوح !
منذ …براءةٍ وخوف
وأنا أسبحُ في بياضِ السّريرةِ
أقترفُ الفرحَ في حدائقِ التّلفِ
أرتشفُ التّشظّي
من كؤوسِ الاستحالةِ
وحين ثَملْتُ
لم يكنْ الحبُّ بجانبي
ليأخذَ بيدي نحوَ ضفَّةٍ
لا تُحادي المتاه
ينتذب لي مكانًا قصيًّا
أَبرأُ فيه من أزمنةِ الاندهاش
ما أوحش الهروب في الغياب..! و هل ثمة هروب في الغياب ..؟ هروب ممن..؟ الى اين .. إنها المحنة المريميّة الآية المعجزة التي امتحنت كيف ستداريها تكتمها تخفيها – تردّدت رغم أنها إرادة السماء لكنّ العامة من الرعاع الهمج دأبوا على مسخ المنطق دحض الحقائق و قتل الأنبياء ..! محنة الشاعر هنا تشبه تلك إلاّ أنها أقسى حيث لا مّنتبذ و لا نخل و لا رُطب و لا عناية و لا كليم إعجاز ينطق يقرع نواقيس الخلق .. و لاو لا – و لكنه شاعرٌ ساحرٌ أو مجنون – محكوم عليه سلفاً بالهرطقة والخروج عن تعاليم البدو و الكهنة يستحق حكم الموت..! .. من ذا يعير مالكة جناحيه – القدرة – كي تطير بهما بعيدا حيث تنتبذ ضفةً قصيّةً عن عالم موبوء بلعنة الخرافة و الدجل يرفع العرّافين و المتسلّطين مصاف الآلهة و الأنبياء.. حين تتشابه الأبعاد في تيه البصر و تغدو المسافات سراب عبث تتكور الذات عتم خطو على نفسها حرمان وصول.. ما انفكت مالكة ترسم بريشة النار الصور بريشة الرمز .. حيث لا زلنا في فلك المضارب و الخطوط الجمر ..!
يبدو المشهد للقاريء العابر سرياليّاً , لكن الحاذق المتأمل يدرك عمق الترابط الماديّ كبناء و لغة و المعنويّ كشاعريّة تناغم أحاسيس و ثورات حمم براكين وجع تتقاذف انفلات تشظّ شعل ..
وحيث تنساب و تتسلق الصور بمشهدية شِعرية طيّعةٍ ليّنةٍ مَرنة لتشكِّلُ هيكليّة القصيدة – قصيدة من عيون الحداثة تستحضر كل أدواتها متشبثة رغم معاصرتها المرتقية أفق الألق غارفة ما تيسّر لها من جذور الأصالة الضاربة ضمير الإنتماء …
عشتُ في= المابين=
لبستُ اللالون
شربتُ اللاحلو …
واستمتعتُ باللاحياة
تعلمتُ كيف أسبحُ في الرّمل
في متاهةِ الجرحِ…
أعدُو
أرقصُ في زحمةِ القعرِ
كيف أعيشُ وسطَ الصّفرِ
وأنا المكتظّةُ بالأعدادِ
بأرقامٍ تزجرُني كالطّيرِ
في عزِّ الصّباح
أحاولُ الطيرانَ
فأجدُني مومياء
لا تعرفُ للحراك معنى
لا تجيدُ سرقةَ القبلِ
عند مشارفِ الحُلم تجاعيدُ ملمحِها
تدركُ كيف تسبرُغورَالزّمن كيف تغرُبُ الدّمعةُ
في حضنِ الغضبِ
تنجبُ الانكسارَ
عشت و لبست و شربت و لكن ..
العيش كان هناك ثمة ما يستحق لنجازف في الحياة أما الألوان فهي لا تشبه الذائقة و مرارة الشرب – كنايات عن عصف أزمنة خريفة لرقصة نشاز زمن يلبس وجهه بالمائل أحول القسمات – والاستمتاع باللاحياة- تلاعب جميل باللغة و المفردات السباحة في الرمل متاهة الجرح تعدو الرقص في زحمة القعر- يبدو أنه عالم عبارة عن جب .. يجبرها الوضع أن تتجرد عن ماهيتها أفكارها قناعاتها و ما تملك تتجرد من كل معايير الإنسانية الحرة لتغدو مجرد مأسورة و أحدى أفراد مملكة النمل – ان تلغي كل ذاكرتها و ما تشكله من معادلة اعتداد تتخلى لتصبح مجرد أصفار.. أي عدالة وأي مرارة – وهنا روعة التكثيف التصويري واللغوي عند مالكة الرائعة لا يضاهى اشتعال رؤى وفذّ شاعرية – والذي يعد من أبرز معايير ومقومات قصيدة النثر و تتضح من خلاله قدرة و مكنة الشاعر من العابر الهاو حديث العهد بالصنعة ..
في أوانِ الوضع
وفي ساعةٍ تميلُ عقاربُها
تارةً نحو الما قبلُ
وأخرى نحو الما بعدُ ذرنِي وهذا الملحَ النامي
على أهدابِ الجرح
الوضوحِ التّالفِ في متاهاتِ الغموض
التّوهجِ المنطفئ
في أبعادِ الشّروق
أنا موتٌ شاخَ على لوحِ التّرتيلِ
مذ شدَّ على يدي المجهولُ
بعيونٍ مغمضةٍ ساقني
إلى غفلةِ الأنواء
جعلَ انزوائي
قِبلةَ إسراءٍ
واللعنةَ مدارَ انتفاضٍ ..
يتجلى هنا بوضح تأرجح الذات الإنسانية ما بين بعدين الماضي والحاضر صراع التباين و انشغالات العبث.. الإيقاع الداخلي لغليان الأعماق حيث يلهو الفراغ بأعصاب الشاعر المرهف الشفاف و يغدو رأسه في الزمن المفرغ من محتواه مثل بندول ساعة جدار ضخمة تصلب الوقت على عقاربها .. ملح يتنامى على شفاه الجرح أهدابه أي جرح هذا المهدب ايتها الشاعرة – جرح نازف دمعا يشبه العين بهدب و بصر – كم عميقة فلسفية شاعرية هذه الصورة الزاخرة بالكناية و التشبيه و الانزياح ومجاز اللغة الخلابة عند مالكة في معجمها الأنيق.. هنا و هنا – انفلاتة أوقن أن الشاعرة لم تتقصَّدها – إنما هي نجمة تشظّت شلال شهب تفلّقت ذات حنق سماء – كفرت باستراق الجنّ صلوات الروح الحنايا الراجفات الراعفات تراتيل شعر – و خرت نيزكاً قرب المكان –
أنا موتٌ شاخَ على لوحِ التّرتيلِ – يا ألله كم مدهشة هذه العبارة ..
مذ شدَّ على يدي المجهولُ بعيونٍ مغمضةٍ ساقني إلى غفلةِ الأنواء ..!
يا لها من تراكيب لغوية لرمزية ذات إنسانية شاعرة تتبخّر على صفيح ساخن في عصر التخطف و عبث الأقدار ..
يا صحوةَ النّدمِ في قيظِ الجسد
افتحي كُوةً في قفرِ العمر
علَّ الموتَ يرمقُ وميضًا
يسمعُ وقعَ الزّمنِ الهارب فألاحقُه
…بعثًا ولو إلى حين !
قفلة جرس احتدام صور القصيدة يعرب عن جلجلة طبل يوقظ الموتى الغافلين ..! يا صحوة الندم – حيث و لات مناص و حيث ما عاد ينفع أن نعود أن نتوب أن نكفر عن خطايا الخطوة الأولى التي وضعت القيد في عنق الحرف و تدّت قدميه في ضارع رمل الخراب .. حيث رفرفة الروح شهقتها تتلَّمسُ بلّة ماءٍ أو نفحة هواء – حيث تختنق الدماء و تحوم الجوارحُ تخطّف الأرواح المُسجّاة سافي الرّمال – حين يغدو الموت الرحيم رحمةً – بارقة خلاص و مهرباً و شاطيء سكينة و أمن .. و ما بعد الموت الذي عله يكون قد أبصر كوَّةَ أملٍ تتنسّم منها الأحاسيسُ المُدمّاة رائحةَ الحلم الغِـرّ الطفل الذي توارى عبر شاحب حزن ضباب دمع لذات بَوٍّ تشمُّ من هامد جلده رائحةَ الزمن الذي لا يعود ..
تريد الشاعرة هنا ان تلاحقه – تلاحق ذلك الذي مضى – تتشبّث بأذيال شاله – ململمة عن شاحب الرمل آثار الغروب – فقد يكون انبعاث حياة – حلم – يكون لها عزاءَ فردوس بعد رحلة أسفار الجدب في مدن العذاب.. وهذه خاتمة و قفلة أنيقة صادمة متوهجة تشكل ومضة تسلفتُ انتباه القاري و تستقطب الملتلقي تشده الى عالم الإبداع .. لقد أجادت مالكة الدوزنة على أوتار الحروف و العزف مشاعر أناقة خلابة و رائعة .. مالكة شاعرةٌ مائزة ظاهرة – لمن يدرك- هي من أروع ما و من قرأت – تابعت – تفاعلت و أُعجبت و انبهرت بشاعريتها .. أعوام طوال نحن على تماسّ – قرابة العقدين- مالكة أحد أروع شعراء الحداثة المعاصرين.. أرجو أن أكون قد وفقتُ في قراءة الشاعرة أ. مالكة حبرشيد- عبر هذا القصيدة الجميلة مع خالص تحياتي للجميع ..
الآراء الواردة في المقالات، لا تعبر بالضرورة عن موقف “شعراء بلا حدود”