منفى هي اللغة التي
انكتبَتْ بها
كلُّ الحروفِ
قديمةً و حديثةً،
منفى هي اللغة التي
ذهَبَتْ هباء ليس
إلاّ ما بدا
من عشقها و جمالها
هي وحدها انتصرَتْ
على من كان يكتبها
روحا تعانق ذاتها.
هي ذي المدينةُ،
لم أحلَّ بها..
لكنّها في خاطري،
بيروتُ
ساحرة المدائن كلِّها..
ما كلُّ هذا الوجدِ يرحلُ
راسما هذي الرؤى،
بيروتُ
شاعرة المدائنِ كلِّها
صوت لفيروز الحقيقة
والحياةْ
من عشق صورتها البهيّةِ
من ركام الموت ينهض
طائر الفينيقِ
أصرخ عاليًا..
هذي المدينة لن تموتْ..
وأعود لي
قد كنتُ أحلم أن أرى
في شارع الحمراءِ
درويش القصائدِ يلتقي
بنزارها،
أو علّني قد أنتحي ركنا بمقهى
قارئا إحدى الصحائفِ
أو كتابا قادحا
عن سحرها..
ويجيء صوتُكِ هاتفا
من عمق ذاكرة المكانْ:
غسّان أيضا كان
يسكن ههنا يرتاد
حانات المدينةَ
حالما أن يلتقي يوما
بغادتهِ الجميلة ههناكْ
في ما وراء البحرِ رانية
لبيروتَ التي انكتبتْ بها،
وجعا وحلما نابعا،
من روح عاشقها المتيّمِ كي
تخطَّ حروفها،
ألما وطيفا من خيالٍ
راحل أبدا لها..
بيروت يا أمَّ العرائسِ
والشواعر ليتني يوما
أراني ههنا أمتاح
من ذاتي لأمضِيَ راحلا.
بيروت فينا الشعر
والأدبُ المقاومُ
والكتاباتُ التي من نسغها
لغة الفوارس، ضادها انبعثتْ بها
من أرضِ كنعانَ المجيدةِ
وحدها انبثقَتْ إذاً
ضاد الفحولةِ و البطولةِ
والرجولةِ و الحكاياتِ
الجميلةِ كلُّها من أرضنا انبثقتْ، إذاً
عذرا لبيروت الصٌّمودِ
مجدَّدا .
بيروت يا جرحَ العروبةِ كلِّها،
يا فخر أمّتنا المجيدةْ..
بيروت شاعرة المدائِنِ كلِّها ،
أنا ههنا صوت لشعر قادمٍ
أرنو إليكِ
مردِّدا أمّ المواقفِ
و المدائن لن تموتْ
وهي التي من سحر شاطئها
الجميلِ تفتّحت شعريّة المعنى بها،
هذي المدينة يا رفاقَ الرُّوحِ
شاعرتي أنا..
كانوا ثلاتهم هنا ،
قد كنتُ رابع ظلِّهمْ..
محمودُ كلِّ قصيدةٍ
ونزارُ أشعار السياسة و الغزلْ،
وخليل قافية يجيء
من الرّدى كي نعبر الجسر
الذي كان ابتناهُ لنلتقي
نثرا وشعرا عابرين لذاتنا
للرُّوحِ نهرا من رمادْ.
كنّا هنا و قد ارتشفنا
من نبيذ جمالها
روحا وراحا قد تعتّق عشقها
في مقلة الزمن الجميلْ .
هذي المدينة وحدها
أمّ الشواعر و المدائن كلِّها ،
كنا جميعا يا رفاقَ الرُّوحِ
في درب الكتابةِ،
فليكن دربا وضيئا دائما
أمُّ الشواعرِ و المدائن كلِّها
صوتا لشعرٍ مترعٍ بالحبِّ
ذي أمّ الشواعر والمدائن لن تموتْ