ومشَى علَى شوكِ الغرورِ بقلْبِهِ
فأضاعَ نبضَ الرُّوحِ.. ناء بدرْبِهِ!
ذُو النُّونِ بينَ حروفِه متسائل
إذ ضاقَ في بطْنِ القصيدِ بكرْبِهِ!
لَزِمَتْهُ مُذْ جاءَ الحياةَ مشاعرٌ
دكناءُ تؤْذِنُ في الشّبابِ بشيْبِهِ!
ألقَى عَصًا كانتْ تُوَكِّئُ عزمَهُ
ورَمَى بحاضِرِهِ الأليمِ لِغَيْبِهِ!
لمْ يكترِثْ برضيعِ حُلْمٍ لم يزلْ
يبكِي ويُمسكُ في العرَاءِ بثوْبِهِ!
أَتُرَاهُ قدْ نزعَ العمامَةَ راغِبًا
عنْ إرْث جَدٍّ ..كَمْ أشادَ بكسْبِهِ؟!
أَمْ أنّهُ انْساقَ الغدَاةَ إلَى الهوَى
فهوَى من الأفُقِ البعيدِ لتُرْبِهِ؟!
فِي أرخبِيلِ الحزنِ عانقَ حُلْمَهُ
طفلاً كيوسُفَ أغرقُوهُ بجُبِّهِ!
ألقَاهُ فِي لُجَجِ الفواجِعِ إخوَةٌ
زعَمُوا بأنَّ الذئبَ باءَ بذنْبِهِ!
فسقوْهُ مِنْ مُرِّ المواجِعِ ريثَمَا
ضاقَتْ كؤُوسُ النَّادِلِينَ بِشُرْبِهِ!
تلْكَ الحقِيقَةُ لمْ تكُنْ إلاَّ كَمَا
بَلَجُ اليقِينِ إذَا يُلَفُّ برَيْبِهِ!
عنْوانُهُ وطَنٌ بغيْرِ هوِيَّةٍ
بَرِئَتْ خرائِطُ شرْقِهِ منْ غرْبِهِ!
وطَنٌ يَقُدُّ قميصَهُ أبناؤه
فيحار؛ هل حقًّا أتَوْا مِنْ صُلْبِهِ؟!
أبنَاؤه تبعوا قوافلِ غِيِّهِمْ
خلْفَ الدُّجَى مُتبجِّحينَ بحُبِّهِ!
وقَفُوا علَى الأعتَابِ وقْفَةَ بائِسٍ
يرجُو قِرَى ضيْفٍ، ولَمْ يظفر بِهِ!
أمَّا الوفَاءُ فيا لَضيْعَتِنا، لَقَدْ
هرعَتْ جيُوشُ الحاقدِينَ لِحَرْبِهِ!
وكَذَلِكَ المجْدُ المُؤَثَّلُ سِيقَ فِي
أغْلالِهِ مثْلَ المسِيحِ لِصَلْبِهِ!
لَهفِي علَى وطنٍ تزَلْزلَ صرحُهُ
نجحَ الأعادِي فِي مسلْسلِ نهْبِهِ!
لهفيِ علَى شرَفٍ يُقِيمُ بِمتْحَفٍ..
قِيَمُ الأوائِلِ حنطتْ في نُصْبِهِ!
بالأمْسِ كُنَّا خيْرَ أمَّةِ نخْوَةٍ
واليومَ هلْ لعِبَ الزَّمانُ بعُرْبِهِ؟!
رَغْمَ احتبَاسِ الحُزْنِ بِيْنَ جوانِحِي
كأُجَاجِ ماءٍ؛ كَمْ أضِيقُ بشرْبِهِ!
رغْمَ انحصَارِ الحُلْمِ داخلَ مشْهَدِي
و النورِ في حرْفٍ همَمْتُ بشطْبِهِ
أَنَا هَهُنَا سِيزيفُ يدْفَعُ صخْرَةً
والعَزْم قنديلٌ يضيءُ بقلْبِهِ
أَنَا هَهُنَا يعقُوبُ يحْضُنُ صَبْرَهُ
لَمَّا دهَاهُ الكَرْبُ لاذَ بربِّهِ
سيظل في أَوْجِ التّألُّمِ آمِلاً
في البشْرِ يولَدُ منْ غياهبِ صعْبِهِ