صبٌّ أشقاهُ توقُّدُهُ
فبكى من صَدٍّ يُكمِدُهُ
لا شيءَ لديه يُؤمِّلُهُ
بغدٍ، فالهجرُ يُسَهِّدٌهُ
أعياهُ الشوقُ، وأتلفَهُ
إذْ مدَّ يدًا رَعَشَتْ يدُهُ
دَقتْ أغصانُ تلهُّفِهِ
والوجْهُ سلاهُ تَوَرُّدُهُ
لم تَشفعْ فيهِ مدامعُهُ
أو يشفعْ فيهِ تَنَهُّدُهُ
ما كانَ يظُنُّ بأنّ لهُ
قلبًا يُعْيـيهِ ويُجهِدُهُ
وبأنّ الصبرَ غدا عَدَمًا
وذوى في الدمعِ تَجَلُّدُهُ
عيناهُ إذا نَظرتْ أسَرَتْ
وتُذيبُ الصّخرَ وتُجْمِدُهُ
إنْ نام فجفنٌ ذو أرقٍ
يخشى أني أترصَّدُهُ
ولَماهُ إذا مُسَّتْ هَلَعَتْ
كالطيرِ يداكَ تُشَرِّدُهُ
وتَخالُ رُضاباً في فمهِ
شَهدًا والقبلةُ عَسجدُهُ
خداهُ رحيقٌ مِن زَهَرٍ
تشتاقُ اللَّثمَ وتَجحدُهُ
رحماكَ كفى ما بُؤتُ بِهِ
في الحبِّ وأنتَ تُعَقِّدُهُ
ما كنتُ أُرَجّي منْ غَدِهِ
ما كانَ يبعثرُهٌ غَدُهُ
لو كنتُ أطيقُ بَكَرتُ لهُ
وأقمتُ عليهِ أهدهِدُهُ
هَشَّتْ شفتايَ لطلَّتِهِ
وظننتُ البسمة تُسعِدُهُ
فاستعلى ثم مضى طَرِبًا
بدلالٍ قدْ يتعَمَّدُهُ
لكأنَّ الريحَ تَرِفُّ بهِ
كالطيرِ فيحلو مَشهَدُهُ
فتزيد له أنّاتُ دمي
لَهَفًا ويزيدُ تشدُّدُهُ
وأسائلُ نفسي منْ ألمٍ
وضلوعي شوقًا تَنْشُدُهُ :
مالي والحُبّ يُعذِّبُني
بغزالٍ رُحْتُ أمَجِّدُهُ
لم أفتحْ بابًا لُذْتُ بهِ
إلا ألفيتُكَ توصِدُهُ
رحماكَ فلم أتركْ سببًا
إلا كالطفلِ تُفَنِّدُهُ
أإياسٌ منكَ بلا أملٍ؟
أم فألٌ فيكَ أُجَدِّدُهُ؟
دَنِفًا أشكوكَ فجُدْ بهوىً
لفؤادٍ ليتكَ تُسْعِدُهُ
تعليق واحد
جميلة هذه الخريدة صديقي الجميل