جِرْبَة هي جزيرة تونسية تقع في جنوب شرق تونس في خليج قابس. تبلغ مساحتها 514 كم2 وتعد أكبر جزر شمال أفريقيا (شريطها الساحلي طوله 125 كم) وتلقب بـ«جزيرة الأحلام». تتواصل بالقارة عبر طريق يمتد على 7 كم الذي شُيد منذ العهد الروماني والذي يؤدي إلى مدينة جرجيس. كما يمكن العبور من مدينة أجيم إلى الجرف عبر البطاح (العبارة). تمتد انطلاقا من شاطئ قرية مزراية شبه جزيرة رأس الرمل وهي من الأقطاب السياحية المميزة للجزيرة. أعجب بها الأديب التّونسيّ إبراهيم درغوثي أيّما إعجاب فحرّر نصّا غاية في الإبداع تحت عنوان «جربة الّتي في خاطري». ويسمى سكان جربة “الجرابة”.. أدرجت جربة ضمن قائمة التراث العالمي اليونسكو في 18 سبتمبر 2023.
لها تراث ثقافي ثري من أبرز معالمه الجوامع التي تبنى لكل عائلة، وبروج مراقبة تسمى أربطة على امتداد شواطئها، كل برج رباط وفي ذات الوقت مسجد. وفي العمق صف ثاني للدفاع يتكون من مساجد هي أيضا قلاع محصنة، وتتصل بالرباطات باستخدام الدخان نهارا والنار ليلا.
الجزيرة تم إدراجها على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو يوم الإثنين 18 أيلول/ سبتمبر 2023، وهذا أثناء الدورة الخامسة والأربعين الموسعة للجنة التراث العالمي.
الموقع:
تقع جزيرة جربة في الرّكن الجنوبيّ الغربيّ من الحوض الشّرقي للمتوسّط بخليج ڨابس أو ما يعرف ب«سرت الصّغرى» عند القدامى؛ ممّا يجعلها منفتحة في ذات الوقت على المتوسّط والصّحراء. وشكلها أقرب عموما إلى المربّع إذ يبلغ أقصى الامتداد بين الشّمال والجنوب قرابة 29,5 كم في حين يبلغ أقصي امتداد لها من الشّرق إلى الغرب 29 كم، ويبلغ طول سواحلها 125 كم. أمّا مساحتها فتبلغ 514 كم2.
وترتبط الجزيرة بالقارّة الإفريقيّة بمنفذين أحدهما بحريّ اِنطلاقا من آجيم حيث يوجد مضيق يفصل الجزيرة عن القارّة، يبلغ اتساعه كيلومترين أمّا الثّاني فهو برّي اِنطلاقا من القنطرة بواسطة طريق يشقّ البحر تعود جذوره إلى العهد الرّوماني. هذا بالإضافة إلى موانئ عديدة كانت منذ القديم وإلى اليوم نقاطا رئيسيّة لإرساء البواخر. وتوجد أبرز هذه الموانئ بحومة السّوڨ بالسّاحل الشّماليّ، وآجيم بالسّاحل الغربيّ، والڨنطرة بالسّاحل الجنوبيّ، وتمرّ بقرب هذه الموانئ أودية تحت مائيّة تسمح بوصول السّفن ولذلك أنشئت حول هذه الموانئ تحصينات دفاعيّة لمنع الأعداء من اختراقها.
وتتميّز تضاريسها البحريّة بوجود حزام من القيعان الضّحلة والمصطبات البحريّة يطوّقها من أغلب الجهات وقد وفّر لها على مدى قرون حصانة طبيعيّة تمنع السّفن الحربيّة من الوصول إلى سواحلها. ولكن بجنوبها الغربيّ تتّخذ بحيرة بوغرارة شكل حوض يصل عمقه أحيانا إلى 54 م. ولكن يغلب على سواحل الجزيرة الانبساط.
وبالنّسبة لتضاريسها البرّية، وإذا استثنينا مناطقها الوسطى حيث يصل الارتفاع عن سطح الأرض إلى 53 م، فإنّ الجزيرة في معظمها منبسطة وخالية من المرتفعات فكلّ مجالها هو عبارة عن سهل تتخلّله بعض المرتفعات. وتربة الجزيرة رمليّة أمّا باطنها فيختزن الطّين الجبسيّ. وتكسو الطّين الجبسيّ قشرة كلسيّه صلبة وسميكة توفّر حجارة «الصمّ» الصّلبة المستعملة في البناء.
المناخ:
مناخ البحر الأبيض المتوسط الدافئة نسبيا جربة. متوسط درجة الحرارة من السنة هو القريب 20C°، وفي فصل الشتاء تنخفض درجة الحرارة، نادراً إلى ما دون 10 °C. لكنها في الصيف قد تصل إلى40C° .
تتعرّض الجزيرة إلى رياح غربيّة وشماليّة غربيّة خلال أشهر نوفمبر وديسمبر ويناير وفبراير، بينما تهيمن في بقية السّنة الرّياح الشّرقيّة والشّماليّة الشّرقيّة وتتعرّض الجزيرة منذ أواخر فصل الرّبيع وخلال فصل الصّيف إلى رياح الشّهيلي الحارّة. ومن خصائص جزيرة جربة أيضا نسبة الرّطوبة العالية واِعتدال حرارتها كامل السّنة حيث يبلغ معدّلها السّنوي 20.1 درجة وتقسّم السّنة إلى فترتين: فترة حارّة تمتّد من شهر ماي إلى شهر أكتوبر لا تنزل خلالها درجات الحرارة إلى أقلّ من 20 درجة وفترة غير حارّة تمتدّ من شهر نوفمبر إلى شهر مارس لا يتجاوز خلالها معدّل الحرارة 19 درجة.
تاريخ جربة
العصور القديمة:
المعروف تاريخيّا أنّ الأمازيغ هم السّكان الأصليّون لإفريقيا الشّماليّة وكانوا يسكنون الشواطئ والجبال ويشتغلون بفلاحة الأرض، مساكنهم الكهوف والبيوت المنحوتة أو المبنيّة من الحجارة والطّين، أو القشّ وأغصان الأشجار على شكل أكواخ فوق الجبال والهضاب. وآخرون كانوا يعيشون عيشة البداوة يترحّلون بمواشيهم، وكانوا يسكنون تحت الخيام، وبعض الطوائف منهم كانوا يعيشون ممّا يقومون به من أعمال السّلب والنّهب وأخرون كانوا أكثر تحضّراً يعيشون في مدن عامرة بنوها كما أثبت ذلك ابن خلدون وآخرون، يقول ابن خلدون في تاريخ ابن خلدون الجزء الأول- 8 من 258:
«إفريقية والمغرب لما جاز إليها بنو هلال وبنو سليم منذ أول المئة الخامسة وتمرسوا بها لثلاثمئة وخمسين من السنين، قد لحق بها وعادت بسائطه خراباً كلها بعد أن كان ما بين السودان والبحر الرومي كله عمراناً تشهد بذلك آثار العمران فيه من المعالم وتماثيل البناء وشواهد القرى والمدر».
لباسهم يتكوّن من نسيج صوفيّ مخطّط ومن برنس أسود، يرتدون الكدرون والجبّة يحلقون رؤوسهم ولا يغطّونها بشيء ويحجبون وجوههم بالشّام الّذي لا يزال معمولا به إلى اليوم. يأكلون الكسكي، ويتكلّمون الشلحة ويكتبونها ولا يزال البعض خاصّة في الجنوب التّونسي مثل جبال مطماطة والدّويرات يستعملون هذه اللّغة عند التّخاطب: وهي لغة متميّزة بذاتها معروفة من قديم الزّمان ومتواترة إلى الآن ولها آدابها الشعبيّة الشفهية.
ومنذ فجر التّاريخ تنقّلت جربة من مًحتلّ إلى آخر وأوّل من احتلّها بعض سكّان جزر «بحر إيجي» الّذين مكثوا فيها فترة طويلة قبل مجيء الفينيقييّن، أدخلوا خلالها غراسة الأشجار وصناعة الفخّار.
وهكذا سبق الإغريق غيرهم من الشّعوب في التّعايش مع سكّان جربة.
وفي القرن 12 ق.م. نزل بها الفينيقيون الّذين قدموا من مدينتي صور وصيدا من السّواحل الشّاميّة الكنعانيّة، وهي الجزء الّذي يحاذي البحر الأبيض المتوسّط من القّارة الآسيويّة.
وازدهرت خلالها التّجارة في جربة فانتشرت بذلك صناعة الفخّار وصناعة الأرجوان الّذي ذكر عنه المؤرّخون أنّه كان يُضاهي إن لم يفق أرجوان صور، وكان يباع بأغلى الأثمان.
وممّا لا شكّ فيه أنّ الفينيقيّين هم الّذين جلبوا غراسة أشجار الزّيتون فانتشرت بذلك صناعة عصر الزّيتون.
ما بعد الفينيقيّين جاء المحتل الرّوماني، فشهدت الجزيرة في العهد الرّوماني ازدهارا عظيما لا تزال آثاره العمرانيّة دالة عليه إلى اليوم. ومن ثَمّ قدم بعدهم الوندال وهم أمّة جرمانيّة الأصل زحفت على بلاد الغال والأندلس في القرن الرّابع بعد الميلاد، حيث استقرّت قرابة عشرين عاما ثمّ بسطت نفوذها على المغرب الأقصى سنة 429م بقيادة ملكها جنسريق.
العصور الوسطى
عندما كانت أعظم دولتين في ذلك العهد: دولة السّاسانيّين والدّولة البيزنطيّة المسيطرة على بلدان البحر المتوسّط منهمكتين في حروب طاحنة بدأت تظهر قوّة جديدة في الجزيرة العربيّة الّتي كانت شبه منعزلة عن بقيّة العالم. هذه القوّة الجديدة هي قوّة الإسلام. , اتّجهت الجيوش العربيّة إلى الجهاد والفتح خارج الجزيرة العربيّة وكانت جربة من بين الأماكن الّتي شملها الفتح العربي على يد الصّحابي رويفع بن ثابت الأنصاري سنة 60 هـ ثمّ أصبحت إفريقيّة بعد فتحها تحت حكم الولاّة ودام عهدهم قرابة قرن من 97 هـ إلى 184 هـ، عرفت خلالها الولاية عدّة اضطرابات إلى أن جاءت الدّولة الإسلاميّة الأولى وهي الأغلبيّة الّتي كانت في خلاف مع الدّولة الرستميّة بالجزائر فكانت جربة تابعة تارة للأغالبة وتارة الرستميّين لكنّها كانت دائما شبه مستقلّة، إلى أن جاءت الدّولة الإسلاميّ الثانية وهي الدّولة الفاطميّة الّتي قامت في البلاد التّونسيّة بعد العهد الأغلبي دام عهدها 64 سنة من 296هـ إلى 362هـ. فأدخل الفاطميّيون الجزيرة في حوزتهم إلى أن أقام عليها المعز بن باديس الصّنهاجي حملة غزو تأسّست خلالها الدّولة الصّنهاجيّة على يد الأمير «بلكين بن زيري الصّنهاجي» الّذي نصّبه «المعزّ لدين اللّه الفاطمي» حاكما على إفريقيّة اعترافا له بالجميل عندما قرّر نقل الدّولة الفاطميّة إلى القاهرة.
وقد مرّت الدّولة الصّنهاجيّة بمرحلتين متتاليتين: عصر ازدهار وعصر اضطراب. ففي المرحلة الأولى عرفت القيروان الازدهار طيلة 78 سنة إلى قدوم الهلاليّين سنة 440 هـ، أمّا المرحلة الثّانية فقد قاست فيها جربة كثيرا من الويلات بسبب ما تعرّضت له من حملات الغزو لعلّ من أبرزها حملة «روجار النّرمندي» سنة 529 هـ هاجم خلالها جربة واستولى عليها وسبى نسائها وأطفالها وأرسلهم إلى صقليّة رغم المقاومة العنيفة الّتي أبداها الأهالي. وبقيت جربة تحت الاحتلال النرمندي من سنة 688 إلى سنة 738. وفي هذه السّنوات استيقظت الدّولة الحفصيّة من سباتها وتذكّرت أنّ عدوّها يجثم على صدر قطعة عزيزة من ترابها فجهّزت جيشا كبيرا في أسطول ضخم وأجبرت الحامية الإفرنجية على الانسحاب ودخلت الجزيرة في حكم الحفصيّين.
من القرن السادس عشر إلى القرن التاسع عشر
دخل العثمانيّيون جانبا من إفريقيّة سنة 1574 وجعلوا منها إيالة عثمانيّة على غرار ما فعلوا بالمغرب الأوسط سنة 1519-1520 وبطرابلس في 1551. إلاّ أنّ هذه الإيالة التّونسيّة الّتي تمّ تكوينها بتاريخ متأخّر ما لبثت أن طوّرت نظامها السّياسي قبل جارتيها الجزائريّة والطّرابلسيّة منذ أواخر القرن 16. فظهر بها آنذاك حكم الدّاي المنفرد بالسّلطة (في النّصف الأوّل من القرن 17) ثمّ نظام وراثي شبه ملكي في عهد البايات المراديّين (1628-1702) ثمّ الحسينيّين (بعد 1705). وقد نجح هؤلاء الحسينيّيون في بناء صرح دولة مترسّخة في البلاد ومتمتّعة باستقلاليّة عريضة إزاء القوى الخارجيّة (إصطنبول أو داي الجزائر) خاصّة في عهد حمّودة باشا (1782-1814).
لكن سرعان ما تطوّر نظامها السّياسي أثناء القرنين السّابع والثّامن عشر ليتحوّل إلى «ملكيّة شبه وطنيّة» مستقلّة بذاتها ولا تربطها باصطنبول إلاّ علاقات ولاء شكليّة. وهي تتحكّم (بصفة متفاوتة حسب الجهات والمجموعات) في فضاء محدّد ومختلف عن فضاء الإيالات المجاورة.
ومن ثمّ تسقط تونس في فخّ الاستعمار إذ صرّح المستشار الألماني بيسمارك للسفير الفرنسي ببرلين (4 جانفي 1879) «إنّ الإجّاصة التّونسيّة قد أينعت وحان لكم أن تقطفوها…». وفعلا لقد تدرّجت أوضاع الإيالة التّونسيّة منذ الثلث الأوّل من القرن التّاسع عشر نحو التدهور والتأزّم تحت ضغط القوى التّوسعيّة الأوربيّة الصّاعدة حتّى استقرّت الإيالة في أزمة شاملة يسّرت التدخّل الفرنسي في 1881.
وخلال القرنين التّاسع عشر والعشرين عرفت الجزيرة تحوّلات جذريّة ولعّل أبرز ما يميّز هذا العهد كذلك هو هجرة أهلها لتعاطي التّجارة في بعض الحواضر الإسلاميّة وفي المدن التّونسيّة. وخلال فترة الحكم الفرنسي كانت لأهل الجزيرة مساهمة فعّالة في الحركة الوطنيّة التّونسيّة. وإثر الاستقلال أصبحت جربة من أبرز الأقطاب السّياحيّة التّونسيّة ومقصدا للسّياح من كل حدب وصوب.
منذ 1881، عرفت جربة باسم جزيرة الليتوس زمن الإغريق وقد امكن تحديد موقع إحدى قراها منكس ببرج القنطرة وكان اسم جربة يطلق على ما يقارب حومة السوق. وقد استقرت بجربة جالية يهودية هامة اثر هدم معبد القدس وطرد اليهود في القرن الأول ق.م ومازال أحفادهم يعيشون في حومة السوق.
فتحت جربة من قبل القائد رويفع بن ثابت سنة 45هـ / 665م أثناء غزوة معاوية بن حديج لتونس، فساد فيها المذهب الأباضي. كما غزاها ملك صقلية ثم غزاها الهلاليون ثم الترمان ثم طردوا من قبل الموحدين ثم تعرضت للحملات الصليبية لمدة ثلاث سنوات خاصة ملوك صقلية ولكن الأمير الحفصي بمساعدة أهلها استردها ثم تعرضت لهجمات إبراهيم باشا كما تضررت نتيجة غزو يونس باي لها سنة 1738م وتضررت بأوبئة 1705، 1706، 1809، 1864، وقد تضرر اقتصادها كثيراً ثم رزخت تحت نير الاستعمار الفرنسي عام 1881م عليها، حتى نالت استقلالها عام 1956م.
الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري
عادات تقليدية: المنزل
تحدث الكثيرون على جمال وروعه جزيرة جربة كواجهة سياحية فريده ولكن لم ينصفوها بالحديث على جمال العمارة فيها، حيث أنها تحتوي على نمط فريد من المعمار رغم تطور الحياة الحضارية الا انها نجحت في الحفاظ على خصوصيتها. فالمنزل في جزيرة جربة يطلقون عليه اسم «الحوش» وهو عبارة على عدة غرف يجمعه فناء واحد والغرفة يطلقون عليها اسم «بِــيت» ومن هنا اتت كلمة بيت في اللهجة التونسية على الغرفة وهو منزل يقيم فيه الاب والأبناء.
انه منزل منطو على ذاته اى يتجه نحو الداخل وليس له معالم نحو الخارج وما يميزه اللون الأبيض هو الطاغى على لون المنازل ويكون المنزل محاط بأرض مزروعه نخيل وزيتون واشجار مثمرة. ويكون المجلس خارج اسوار المنزل والباب ذو طراز إسلامي، مزين بالجبس، والنافذة، من الفرفوجيه المذهب، اختاروا ان يفرشوا الحصير الذهبي الذي يتحمل هذه الجلسة تكون عادة خاصة للرجال، ليتسامروا بالليل.
وفي مدخل المنزل يوجد الفناء أو الحوش كما يطلقون عليه ويطل عليه كل الغرف والمطبخ والخ ولا ننسى الجرة الكبيرة، التي تعوض الثلاجة لبروده الماءو نلاحظ ان النوافذ منخفضة وهذه مهارة من مهارات المعماريين في جربة فالنوافذ المنخفضة تحمى الغُرف من الحرارة والضوء.
ان اللون الأبيض والأزرق هو الطاغى على المعمار التونسي سوى كان ذلك في العاصمة—مدينة سيدى بوسعيد—مرورا بالحمامات وصولا إلى جزيرة جربة. والأبناء يتزوجون في هذا المنزل وكل منهم لدية بيته الخاص أو غرفته الخاصة فهذا المنزل يورث من الأجداد هذه الغرفة التقليدية في جزيرة جربة تتكون من طابقين الطابق الارضى، يكون عبارة على صالة صغيرة أو غرفة معيشة مطبخ صغير وحمام. يكون هناك سلم يصعد بك إلى الطابق الأول أو كما يطلق عليه اسم [ السدة ] وهو عبارة على غرفة النوم. ومن الجدير بالذكر أن في هذا الفن المعمارى ان البناء يكون فقط بالحجارة وبالتالى نتحصل على غرف بارده في وهج الصيف ودافئة في الشتاء البارد.
و المعمار الجربي يعتبر بيئى جدا فالارض تكون مطلية بالكلس والفتحات في الغرف، هي موجوده لتهوئة الغرف أكثر ما يمكن ويعتبر تناسق الألوان من أهم مميزات المعمار الجربي والألوان مستمده من اللون الرمال المنثورة على كامل الجزيرة بدأ من اللون الأبيض مرورا باللون الذهبي وصولا إلى اللون الأرض.
كما هو حال سائر بيوت جربة فان السلم مستوحى من الهندسة الموجودة في المساجد فهو يشكل صلة الوصول بين الاجزاء المشتركة والأجواء الحميمه من الموجودة في الطابق الأول من المنزل. في العادة تكون غرفة الجد فيها تناسق الألوان رائع جدا مزيح من اللون الاورنج واللون القرمزي وتتميز بالكليم أو السجاد الجربى بتصاميمه التي تحكى على الحياة.
ولعل أكثر شئ يسعى أبناء الجزيرة للحفاظ عليه مع كل هذه التغيرات هو طريقة الإضاءة فالإضاءة لا تنبعث من السقف بل من الجدران ويوجد في كل زاوية فانوسا، يحكى على كل الحضارات التي مرت بها الجزيرة وهذا ما يعطى الحميمية للبيت الجربى ويوثق أكثر اواصر العائلة الكبيرة. يعتبر الحديد المشغول، عنصرا هاما في ديكور جربة إذ هو يعبر على هويتها مختلف الاثاث الموجود كالطاولة المنخفضة هو نسخة عن الاثاث القديم والخزفيات هو عنوان جربة، والتي لا يمكن ان تجد منزل خالية منها.نجح أبناء الجزيرة المدافعين الشرسين على فن عمارتهم بالدمج بين التقليد والحداثة وهذا النمط المتبع يؤمن للمنزل احساس بالحميمية والراحة.
ان الهندسة التي يتميز يها فن العمارة في جربة، تُعتبر بسيطة ونقية فلا يوجد فيها أى نوع من التفاخر، إذ لا يوجد هندسة على الجدران.
عمار المدني والديني
يعد معمار المسجد في جربة فريدا من نوعه سواء على مستوى التوزيع الجغرافي للعمارة أو كذلك من ناحية الزخارف المعتمدة في تزيين المساجد. وتمتاز المساجد في جزيرة جربة بالبساطة والتواضع، فلا نجد فيها الزخارف المعتادة في بقية المساجد التونسية، وهي لا تتعدى في مثل هذه الحالات الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأدعية.. ويطغى على المعالم الدينية لونان أساسيان اللون الأبيض كلون أساسي واللون الأخضر لزينة الأبواب والنوافذ. وتتميز مساجد الجزيرة كما ورد في إحدى دراسات رياض المرابط حول تاريخ الجزيرة، بتخطيطها المنفتح، ويتألف المعلم الديني من عدة وحدات معمارية منها ما هو مخصص للشعائر الدينية مثل المساجد و«البرطال» و«دكات» الصلاة. ومنها ما هو مخصص للطهارة كـ«الميضة»، ومنها ما هو مخصص للإقامة كالغرف أو كذلك للتدريس كالكتاب، ونجد من ناحية أخرى فضاءات للنشاطات الاقتصادية؛ كالمخازن وللمنافع الاجتماعية مثل المطابخ.. وعادة ما تتوزع هذه الوحدات المعمارية فوق فضاء مبلط ومعد لتجميع المياه في «مواجل» وفسقيات، كما يحيط بالمعلم الديني سور قليل الارتفاع، يمكن من رؤية كافة أجزاء المعلم.
وتعبر المساجد المنقورة عن تواصل العادات البربرية وتمازجها مع مميزات العمارة الإسلامية.. وهذه النوعية من المساجد هي الأقدم في جزيرة جربة. وتتدرج هذه المعالم المنقورة كليا في الصخر والتي تجد أصولها المعمارية في القصور البربرية المنتشرة في مناطق الجنوب التونسي.. إلا انه يلاحظ أن بعض تلك المعالم يتطابق مع التخطيط المتداول للمساجد الإسلامية مثل جامع البرداوي.. وهناك نوعية ثالثة منقورة جزئيا في الصخر واعتمدت على مواد البناء المعروفة بالجزيرة.
وتتركز المساجد الناتئة في المواقع العليا؛ فالمساجد الواقعة على شواطئ الجزيرة على سبيل المثال تلعب دور نقاط المراقبة والإنذار المبكر في جزيرة مفتوحة على كل الجهات، وأحجام هذه المعالم الدينية غالبا ما تكون محدودة. أما المساجد الواقعة على السواحل فهي تتميز بمتانة البناء وتوفر تجهيزات دفاعية ضد الأعداء، وهي لا تختلف عن المواقع العسكرية. وهناك مساجد الأحياء؛ وهي محدودة المساحة وموجهة بالأساس لتلبية الحاجيات المباشرة لسكان الحي. كما توجد كذلك مساجد معروفة بحلقاتها العلمية. لذلك نجد من بين مكوناتها الغرف المخصصة للتدريس والغرف الموجهة لإقامة طلبة العلم.
وعلى وجه العموم تسيطر على مساجد جزيرة جربة التونسية الواقعة على مسافة 400 كلم عن العاصمة، روح البساطة مع وجود بعض الاستثناءات البسيطة. وتعتمد أعمال الزخرفة على الأشكال الهندسية دون سواها وذلك على غرار المثلثات والمعينات والدوائر وأنصاف الدوائر.
ولجزيرة جربة تاريخ طويل بدأ مع رحلة «أوليس» منذ أكثر من 30 قرنا وبناء معبد الغريبة والفتح الإسلامي والكر والفر الذي حدث بين المسلمين والبربر، وهو ما أفرز خلافات مذهبية أهمها الصراع المعروف في الجزيرة بين السنة المالكية وأتباع المذهب الإباضي.. ومن أغرب المساجد الموجودة في الجزيرة اليوم مسجد «سدويكش» المبني تحت الأرض وكذلك مسجد طريق «أجيم»؛ وهذان المسجدان موجودان بالكامل تحت الأرض ما عدا المدخل وبعض القباب التي تبقى على السطح.. وتقول المراجع التاريخية إن أتباع المذهب الإباضي كانوا يلجؤون إلى أسلوب التقية ويمارسون شعائرهم الدينية بعيدا عن مناهضيهم.
فن الحياة.. العادات:
المجتمع الجربي هو خليط مركب بما انه يضم أعراقا وأديانا مختلفة تتعايش فيما بينها. ولكن رغم هذا التنوع نلحظ وحدة في المجتمع الجربي؛ مما يعطيه انتماءً واضحا وقويا للجهة. ويبرز هذا التفرد على مستوى الطقوس والعادات من الممارسات اليومية البسيطة إلى تقاليد الزواج.
تأثرت حياة سكان جربة بتعاقب عادات وتقاليد وحضارات الشعوب الوافدة عليهم مثل اليونانيين والفينيقيين والرومان والبيزنطيين والعرب المسلمين والنورمانديين والعثمانيين ولكن ورغم هذا التدفق الحضاري المتنوع فإن الطابع العربي الإسلامي ظل المهيمن على عادات وسلوكيات «الجرابة» كما يحلو لأهل تونس تسمية سكانها.
المتاحف
يوجد بالجزيرة عدد من القلاع التاريخية والمتاحف أبرزها مجموعة من الأبراج التي بنيت في فترات متباعدة للدفاع عنها، أمّا أشهرها فهو برج الغازي مصطفى أو البرج الكبير وهو من ابرز المعالم التاريخية ويعود البرج إلى القرن الخامس عشر الميلادي.
حيث شيّد بأمر من السلطان الحفصي أبو فارس عبد العزيز المتوكل الّذي تنقّل سنة 1432م إلى جزيرة جربة لردّ الحملة الإسبانية الّتي كان يقودها الملك الأرغوني ألفونس الخامس.
وكذلك متحف قلالة هو عبارة عن مركّب ثقافيّ ضخم على مستوى تونس وهو متعدّد الاختصاصات والأنشطة. ويهتمّ بالفنون التقليدية وإبداعات الصناعات اليدوية القديمة والعادات الشعبية والكنوز التراثية الأخرى بمختلف أنواعها وأشكالها.
المهرجانات والتظاهرات الثقافية
تمتاز الجزيرة بالعديد من النّشاطات السّياحيّة منها المهرجانات العديدة الّتي تُقامُ بين الحين والآخر مثل مهرجان «أوليس» ومهرجان السُّفن الشّراعيّة بالإضافة إلى هواية التزحلق على الماء.
و في كلّ عام تُقام جملة من المهرجانات ويُشاركُ فيها العديد من المتسابقين من مختلف الجنسيّات.
منها المهرجان الدّولي للفيلم الأسطوري والتّاريخي: يُعقد كل سنتين ويشارك فيه بعض السينمائيّين العرب والأجانب، وهو مهرجان يتناول الأفلام الأسطوريّة والتّاريخيّة، تقدم خلاله جوائز وشهادات تقدير لأبطال هذه الأفلام السينمائيّة.
مهرجان الفخّار: يُقام في منطقة «قلاّلة» الّتي تُعد ّواحدة من أهمّ القُرى الّتي تقوم بتصنيع الفخّار بمختلف أحجامه وألوانه. مهرجان الغوص للتصوير في أعماق البحر: بمنطقة آجيم، وهي فعاليّة رياضيّة وثقافيّة ترتبط بالسياحة.
كما أنّ هناك العديد من المهرجات المتنوّعة التي تقوم بها هياكل مختصّة مثل وزارتي الثقافة والسياحة وغيرهما، وهناك العادات والتقاليد وهي إحدى العناصر الّتي يُستفاد منها لتعريف السائح العربي والأجنبي بالعادات والتقاليد التّونسيّة عامّة والجربيّة بصفة خاصّة:
– مهرجان أوليس
– مهرجان فرحات يامون للمسرح والفنون الركحية
– مهرجان الفلم الأسطوري
– مهرجان جربة للتلفزيون
– مهرجان الفخار بقلالة
– ملتقى البشير التليلي