لقد تُوفيتُ منذ دقيقتين.. وجدت نفسي هنا وحدي، بين مجموعة من الملائكة، وآخرين لا أعرف من هم، توسلت إليهم أن يعيدوني إلى الحياة، من أجل زوجتي التي لا تزال صغيرة، وابني الذي لم يرَ النور بعد؛ لقد كانت زوجتي حاملا في شهرها الثالث.
مرت عدة دقائق أخرى.. جاء أحد الملائكة يحمل شيئا يشبه شاشة التلفاز.. أخبرني بأن التوقيت بين الدنيا والآخرة يختلف كثيرا.. الدقائق هنا تعادل الكثير من الأيام هناك..
” تستطيع ان تطمئن عليهم من هنا”
قام بتشغيل الشاشة فظهرت زوجتي مباشرةً تحمل طفلاً صغيراً!
الصورة كانت سريعة جداً.. الزمن كان يتغير كل دقيقة.. كان ابني يكبر ويكبر، وكل شيء يتغير.. غيرت زوجتي الأثاث.. استطاعت أن تحصل على مرتبي التقاعدي. دخل ابني المدرسة، تزوج إخوتي الواحد تلو الآخر.. أصبح لكل منهم حياته الخاصة..
مرت الكثير من الحوادث، وفي زحمة الحركة والصورة المشوشة، لاحظت شيئاً ثابتاً في خلفية الصورة.. يبدو ظلا أسودَ.. مرت دقائق كثيرة، ولا يزال الظل ذاته في جميع الصور.. كانت تمر هنالك السنوات.. وكان الظل يصغر، ويخبو..
ناديت أحد الملائكة، توسلته أن يقرب لي هذا الظل حتى أراه جيدا، وكان هذا الملاك عطوفاً؛ لم يقم فقط بتقريب الصورة، بل عرض المشهد بذات التوقيت الأرضي، ولا أزال هنا قابعاً في مكاني منذ خمسة عشر عاما، أشاهد هذا الظل يبكي فأبكي..
لم يكن هذا الظل سوى “أمي” .