يعدّ الدكتور وليد إبراهيم أحمد سيف (المولود في طولكرم شمالي الضفة الغربية المحتلة عام 1948 من أبرز مؤلفي الدراما التاريخية في الوطن العربي، وما “التغريبة الفلسطينية” و”عمر” و”الخنساء” و”صلاح الدين” و”ربيع قرطبة” و”صقر قريش” وغيرها إلا خير دليل على ريادته هذا الميدان.
وإذ اشتهر وليد سيف بأعمال الدراما التاريخية، فإنه ليس كاتبا دراميا فحسب بل هو شاعر وناقد وأكاديمي ومؤلف، تتلمذ على يد العديد من الشعراء منهم أبو القاسم الشابي، وبدر شاكر السياب، وصلاح عبد الصبور، وأحمد حجازي، ونازك الملائكة، وعبد الوهاب البياتي، كما ألف العديد من الدواوين الشعرية مثل “قصائد في زمن الفتح”.
وعاش وليد سيف في فلسطين 18 عاما قبل الانتقال إلى العاصمة الأردنية عمّان للالتحاق بالجامعة هناك.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال “نحن أمة محكومة بالماضي مقارنة مع حاضر ندينه.. فالدراما ليست مدونة تاريخية.. وشخصيا أقدم عملا أدبيا فنيا يطرح أسئلة لا ترتبط بحيز زماني أو مكاني”، واستدرك مؤكدا أن ليس كل شخصية عظيمة صالحة للدراما التي تقوم على الصراع وتطوره.
لم أسع لكتابة الدراما
ويفاجئ الكاتب الفلسطيني متابعيه بالقول إنه بدأ كتابة الشعر والقصة القصيرة ولديه ميل شديد وشغف بالدراما والتاريخ معا، “لكن حدثت ظروف معينة دفعتني دفعا إلى الكتابة الدرامية من دون مفاضلة بين الكتابة الأدبية والفنية”.
ويردف في حديثه المتصل “ولا أستطيع القول إنني فضلت الدراما على الشعر، ولكن هذا ما حدث ولم أسع للكتابة الدرامية، وإنما عرض عليّ أن أكتبها عام 1977 فاستجبت لأنني أجد في نفسي هذه الرغبة والشغف، وربما كانت تجربتي الدراسية في بريطانيا قد أغنت خيالي الدرامي، لأن التقاليد الدرامية هناك قديمة وعريقة وذات وجهة اجتماعية إنسانية مما أسهم في استعدادي الذهني والوجداني”.
النزاهة فوق الموضوعية
وعن الانتقائية في الأحداث التاريخية، يجيب الدكتور سيف “لا أفضل كثيرا مفهوم الموضوعية، وأوجّه طلبتي إلى عدم استخدامها وأفضل بدلا منها النزاهة، فالإنسان يجب أن يكون نزيها في التعامل مع المادة التي يدرسها لأن الموضوعية المطلقة وهم؛ فلكل منا تحيزاته وخياراته الخاصة التي تنبثق من قناعاته وإيمانه ومحتوى وعيه، وهذا لا يعني أن تكون الانتقائية على أساس الفجاجة لخدمة خطاب مباشر، لأن هذا لا يتعارض مع متطلبات النزاهة فحسب، وإنما يتعارض أيضا مع طبيعة الفن والأدب التي لا تتقبل الخطاب الوعظي المباشر”.
ويردف “في أي عمل أدبي هناك قدر من الانتقائية، ولكن لا ينبغي أن تتجنّى على الحقائق التاريخية”.
ومن ناحية أخرى، فالعمل الدرامي التاريخي ليس عملا تسجيليا، وليس بحثا تاريخيا بالمعنى الدقيق، إنما هو عمل أدبي فني يستلهم المادة التاريخية، فعلى الكاتب أن يصل إلى سوية صحيحة بين المادة التاريخية والمعالجة الدرامية الفنية، كما يقول الدكتور وليد سيف.
ويتابع معتبرا العمل الدرامي له مقتضياته الخاصة، وهو إذ يستلهم المادة التاريخية يجب ألا يجني على الحقائق التاريخية من خلال ما يسمى بالإسقاط الفج المتعسف المتكلف، وإنما ينطلق من المادة التاريخية نفسها التي دوّنها الأوائل باعتبارها ليست حقائق ثابتة.
وحسب كاتب “التغريبة الفلسطينية”، قد تختلف الروايات ويجب أن يقوم الباحث التاريخي وحتى الكاتب الدرامي في البحث عن المساحات المسكوت عنها بنشاط تأويلي، “فالتاريخ ليس حقيقة ثابتة واحدة ساكنة”، إنما تتجدد القراءة لها من وقت لآخر وتختلف التأويلات أو القراءات أيضا باختلاف مستوى الوعي والمرجعيات الثقافية والعقدية.
ويكمل المؤلف والأكاديمي الذي نال الدكتوراه في اللغويات من المدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية من جامعة لندن، قائلا “نحن لا نستدعي التاريخ لنعيد إنتاجه كما تم تدوينه، بل نوظف مادته لعمل درامي يخاطب المشاهد المعاصر، ومن ثم يتجاوز الخاص التاريخي الزمني والمكاني ليلامس الشرط الإنساني ومن يتلقى هذه الأعمال أو يشاهدها”.
القداسة والتدنيس
وعن الطعن في تاريخنا، يقول صاحب ديوان “قصائد في زمن الفتح” مستنكرا المبالغات أو الغلو بين متطرفين؛ فكل التواريخ البشرية ليست حقائق موضوعية مطلقة، لأن المؤرخ الأول عندما دوّن كان محكوما بثقافة عصره ومحتوى وعيه وتحيزاته وأحيانا بالمحددات المفروضة عليه من موازين القوى السائدة، حسب قوله.
ويرى مؤلف مسلسل “صلاح الدين الأيوبي” أن مهمة المؤرخ الحديث أن يعيد النظر برؤية نقدية منهجية وحتى الباحث التاريخي المعاصر لا يستطيع أن يتخلص تماما من التحيزات المسبقة، مضيفا أن “صورة التاريخ الماضي تختلف باختلاف منهج الدراسة والبحث والرؤية”.
اعتذار مسبب
وبسؤال كاتب مسلسل “عمر بن الخطاب” عن سبب اعتذاره عن مسلسل “عمر بن عبد العزيز”، أجاب “نحن نكتب دراما تاريخية وليس بحثا تاريخيا.. الدراما لها مقوماتها التي تتعاطى أو تتقوى بها ومنها التحولات والصراعات الداخلية والخارجية التي تحمل العمل إلى الأمام، فليست كل الشخصيات العظيمة صالحة للمعالجة الدرامية إذا كانت ذات بعد واحد”.
ويكمل “الدراما تتناول شخصية مركبة متعددة الأبعاد.. عمر بن عبد العزيز شخصية خيّرة لا تجد كثيرا من الصراعات داخلها وخطها مستقيم.. وقد يبالغ بعض الباحثين في المقابلة بين عمر بن عبد العزيز قبل وبعد، فهو معروف بسيرته الحسنة أيام كان أميرا للمدينة المنورة قبل أن يتسلم الخلافة.. ليس هناك الكثير من المادة أو الأبعاد المتضاربة التي نحتاجها في المعالجة الدرامية”.
تاريخنا وانقسام المثقفين
وحول ما يتردد بأن أمتنا محكومة بالماضي مقارنة مع حاضر مدان، يرى الدكتور سيف أن المثقفين ينقسمون بصورة عامة بين من يدنس تاريخنا ومن يقدسه فإذا نظرت في تاريخ أي أمة ستجد فيها -كما تجد في تاريخنا- من الصراعات وشهوة السلطة.
ويتابع “نحن لا نتميّز عن الآخرين، فالماضي ليس رواية واحدة ساكنة ثابتة، بل يعاد إنتاجه في ضوء حاضر الإنسان ويوظفه لخدمة مواقفه ومصالحه وتحيزاته الحاضرة وهو جزء من الصراع على الحاضر الذي نعيشه.. يكفي أن نقول كيف أن بعض الأعمال التاريخية الدرامية قد اختيرت لتوظف في سياق النزاعات في عالمنا العربي والإسلامي”.
العمل الأدبي ملك القارئ
وحول إسقاطات روايته الأولى “ملتقى البحرين” ورمزيتها، يوضّح الدكتور سيف أنه لا يتدخل في تأويل أعماله الأدبية لأن ما يكتب يصبح ملكا للقارئ، فمن صفات العمل الأدبي أو الفني أن يكون مفتوحا على مستويات مختلفة من التأويل، ومن ثم هناك جوامع مشتركة بين القراء دون تطابق القراءات وربما في زمن آخر يقرأ القارئ مستوى جديدا من التأويل قد لا يفطن إليه الجيل الأول من القراء.
وفي الرواية تسمى الجارية “قمر” التي اسمها الأصلي “سلمى” لأنها أسرت وسبيت وفيها التقت الأضداد “السلطان والثائر” وهذا اللقاء وحّد بين الخصمين من أجل هدف دفع كل منهما حياته ثمنا لمطالب إنسانية أسهمت في بعثها لتأكيد دور المرأة وارتباطها بمفهوم الولادة والتجدد والحياة والقوة المناوئة للموت، حسب المؤلف.
سؤال الحرية والتحرر
واعتبر كاتب “ربيع قرطبة” أن الدراما ليست مدونة تاريخية، بل تطرح مجموعة من الأسئلة تتعلق بالشق الإنساني عامة، وأولها الحرية في مواجهة الطغيان الداخلي والغزو الخارجي.
ويضيف أنه حاول في غير مكان ذكر الارتباط الشرطي بين الطغاة والغزاة فلا خيار بينهما، ويتعلق الأمر بـ”سؤال الحرية والتحرر والعلاقات الإنسانية بصورة عامة والصراعات الداخلية عند الإنسان باعتباره ليس ملاكا مطلقا وليس شيطانا مطلقا، بل هو وجود مركب تتنازعه قوى وأهواء مختلفة يتغلب بعضها على الآخر”.
كما يركز الكاتب والشاعر على موضوع التحول الإنساني وكيف يتحول الإنسان من موقع إلى آخر أخلاقيا وإنسانيا بتغير الظرف الخاص والشروط التي تحيط به.
موقع القدس
وحول ما يدعيه الكاتب المصري يوسف زيدان بشأن مكان المسجد الأقصى، قال وليد سيف إن “الناس يعلمون أن هذا كله من باب التخليط والتحريف التاريخي الذي يريد به صاحبه خدمة فكرة أو هدف أو أجندة معينة تتعارض مع الحقائق التاريخية والحقوق العربية والفلسطينية”.
وتابع صاحب ديوان “تغريبة بني فلسطين” أنه “مهما قيل لن يغير الحقائق أو ارتباط الناس بالقدس، ولكن عندما نذكرها نتحدث عن مركزها الروحي في إطار فلسطين، وتركيزنا العاطفي والأخلاقي والديني والإنساني يجب ألا يصرفنا عن أن الحقوق الفلسطينية لا تنحصر في القدس بل تشمل فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر”.
وأردف “القدس بما هي حيز ديني يجب أن تكون مفتوحة لأصحاب الأديان المختلفة ولا تكون السيادة عليها لغير أصحابها وهم الشعب الفلسطيني”.
الموهبة لا تموت
وبسؤاله عمّا يقال من أن المثقف الحقيقي مهدد بالانقراض بسبب طوفان مدّعي الثقافة، يرى الدكتور سيف أن أدعياء الثقافة كثر ولكنه مطمئن دائما بأن هذا لن يقضي على الثقافة الحقيقية، واستشهد بالآية الكريمة “فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض” (الرعد: 17) فلا تموت الموهبة ولا تنتهي حركة الإبداع، ربما تتراجع في ظروف معينة لكن تبقى العملية الإبداعية قائمة، حسب تعبيره.
لغة الحضارة
وحول الاحتفال بيوم اللغة العربية والدعوات لحمايتها، يقول الأكاديمي أستاذ العربية إن “لغتنا لن تكون في خطر، هناك تراجع وانحسار، فالنظام التربوي يجب أن يعاد النظر فيه لتعزيز استعمال اللغة العربية، والمؤسسات الإعلامية مع الأسف ووسائل الاتصال الاجتماعي تواطأت على التقليل من أهمية اللغة العربية مقابل اللغات الأجنبية، الإنجليزية بخاصة”.
ويردف “اللغة ليست مجرد وسيط لنقل المعاني والأفكار، بل لها محمول تاريخي ودلالي وجزء أساسي مركزي من تشكيل الهوية الثقافية للشعوب التي تعرف بهويتها الثقافية الحضارية التاريخية، وهذا لا يعني مقاطعة اللغات الأخرى، فالتمكن من اللغات الأخرى يعني انفتاحا على عالم ثقافي آخر نحتاج إليه شريطة ألا يكون على حساب اللغة القومية التي تشكل مركزا أساسيا في هويتنا الثقافية”.
مونديال قطر
وبخصوص مونديال قطر 2022، ذهب الدكتور سيف إلى أن المونديال حقق نجاحا منقطع النظير، لكن مونديال الشهادة في فلسطين متواصل، فالشهادة أكبر من أي حديث ومهما حاولت التحدث عن الشهادة يشعر الإنسان بالتخاذل فهي “أكثر بلاغة من الكلام الذي يمكن أن يقال”، حسب تعبيره.
ويكمل “حتى الإعلام الغربي تنبه إلى أن الفائز الأكبر في مونديال قطر الناجح كانت فلسطين رغم عدم مشاركتها، وهذا يبعث رسالة للأنظمة كلها بأن فلسطين حاضرة في وجدان الشعوب العربية ولا تزال القضية المركزية التي تلتف عليها أفئدة الناس، ومن ثم فإن معاندة المشاعر الجامعة لن تكون في مصلحة من يعاند في نهاية الأمر”.
الرسالة والإبداع
وإثر فوزه بجائزة فلسطين للآداب والفنون والعلوم الإنسانية لعام 2022، قال المؤلف إنه لا شك أن الجوائز تحمّل من حازها مسؤوليات كبيرة جدا ليصبو إلى توقعات الآخرين، والأهم هي رسالته الإنسانية، وتابع “القضية ليست جوائز في ذاتها، فكلنا نسعد بالتقدير عندما يقدم لنا لأن هذا هو المردود المعنوي الأعظم لما نقوم به.. قبول واعتراف الناس والجهات المختلفة بقيمة ما نقدمه.. ولكن في النهاية يجب أن يكون الهدف الأسمى هو الرسالة التي نريد إيصالها وما نسمو إليه حينما يعترف الناس لنا بمنجزاتنا ويكرموننا بها”.
وأضاف “رسالتي لا تتغير، فهناك أعمال وأفكار ومشروعات لا أرغب البوح بها، وأشتغل على عمل درامي عربي في الوقت الحاضر، وهناك أيضا تحويل لأعمالي الدرامية إلى مشروعات روائية”.
الدراما وتقديم التاريخ
وعلى صعيد متصل، يرى عميد كلية الإعلام السابق في جامعة البترا الدكتور تيسير أبو عرجة أن أعمال الدكتور وليد سيف تميزت بعمق الطرح وجمال الأسلوب ودقة المقاربات التاريخية، إضافة إلى حيوية الموضوعات المختارة في صلتها بالقضايا المعاصرة للإنسان العربي.
كذلك قدمت دليلا واضحا على أهمية الدراما التاريخية وموقعها المهم في العمل الفني وما يعنيه من أدوار فكرية وثقافية وإعلامية مؤثرة في وجدان المتلقي العربي، حسب الأكاديمي الأردني.
وردا على سؤال للجزيرة نت، قال إن براعة الكاتب الدرامي تظهر في توضيح الرسالة التي يريد إظهارها ممّا يسهم في معرفة التاريخ ويقرّب أحداثه للناس، مبينا وجود قيمة علمية وسياسية وحضارية كبيرة من تقديم التاريخ وتفسير الكثير من الأحداث الراهنة والمتجددة وإزالة بعض المفاهيم الخاطئة.
نصوص تاريخية.. وتأويل
وفي حديثها للجزيرة نت، قالت أستاذة الأدب والنقد الحديث في جامعة البترا الدكتورة رزان إبراهيم إن الدكتور سيف يتمتع بمهارات التفكير التاريخي التي تصحبها مهارات الاشتغال على نصوص تاريخية بذهنية نشطة لا تكتفي بمعرفة الماضي أو لا تقنع بفكرة استعادة التاريخ وحرصه الشديد على فرز المادة التاريخية وتصنيفها وتحليل المعرفة المتأتية عنها ممّا ينير السلوك البشري الحاضر والقادم.
وتابعت “وفي الحديث عن شخصياته التاريخية كنت أسمع وبقوة جدال القوى التاريخية التي تعكس أصوات عصور مضت جسدت باقتدار مبدأ التقاء القصص التي يغني بعضها بعضا بتضادها، وهو ما يعكس نمطا كتابيا آمن بأحقية الحفاظ على اجتهادات وتأويلات بشرية هي جزء لا يتجزأ من شرط إنساني يأتي منسجما مع كاتب حوّل المادة التاريخية إلى عمل أدبي يتجاوز به خصوصية الزمان والمكان وإلى خطاب إنساني وفني يلامس الشرط الإنساني، وينفتح على مستويات متجددة من القراءة والتأويل والتذوق عبر الأزمنة والأمكنة”.
وتابعت الأكاديمية الأردنية قائلة إن مادة وليد سيف الدرامية خطّتها عين الناقد المجاورة لعين الأديب، فهو لم يكتف بطرح أسئلة المؤرخ التقليدي عمّا يقوله الحدث بل يعمد إلى تأويله ومساعدة المتلقي على فهم سلسلة معقدة من الأيديولوجيات المتنافسة والأجندات المتصارعة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا حيث تتحرك المادة الدرامية.
وحسب الدكتورة رزان إبراهيم، فإن نتاجه الإبداعي يدخل في دائرة التأويل التي تعكس فكر وليد سيف المنغرس بقضايا معاصرة تهمه وتهم القارئ في زمنه وأن أعماله الدرامية حصيلة جهد نقدي وتأويلي.
لغة راقية تحاكي شخصياته
ومن وجهة نظر زياد أحمد سلامة مؤلف كتاب “وليد سيف أديبا ومفكرا”، فإن ما يجلب المشاهد لأعمال سيف الدرامية هو اللغة الراقية العذبة الشاعرية، وهي القاسم المشترك لكل أعماله؛ ابتداء من “الخنساء” وانتهاء بمسلسل “عمر” الذي اكتسبت لغته التعبيرات الإسلامية المستجدة، فقد حرص أن تحاكي لغة مسلسلاته لغة عصر الشخصيات، فطرفة يتحدث بلغة جاهلية جزلة ذات مفردات سادت آنذاك و”صلاح الدين” كانت مفرداته وطرق التعبير تناسب عصره.
وبعد أن وصف الدكتور سيف بأنه فارس الدراما التاريخية العربية بلا منازع، قال “لقد سمعنا في التغريبة الفلسطينية مفردات مستعملة ومستخدمة في فلسطين بأريافها ومدنها وباديتها بمخارج أحرفها وأصواتها”.
وقال للجزيرة نت إن وليد سيف يربط أحداث الماضي والحاضر ويسقط عليها ما يريد من وسائل، فصراعنا مع الصهيونية رأيناه في “صلاح الدين” وأسباب الهزيمة التي نعيشها من انقسام وفرقة ولجوء إلى الأعداء للانتصار بهم ضد الأشقاء وجدناها في “ملوك الطوائف”.
وتساءل: “ألم نبحث عن “بدر” في بطون الكتب لنعرف حقيقته؟ ألم يحيرنا المنصور بن أبي عامر والمعتمد بن عباد؟ وهل كان كليب ظالما أومظلوما؟”.
ومن وجهة نظر سلامة، فمن الرسائل التي أراد الدكتور وليد سيف قضية الظلم والظالم في ملحمة “الحب والرحيل”، وأسئلة الوجود والغاية من الحياة في “الخنساء”، وموقف طرفة بن العبد من القبيلة إذ كان يرى أن قبيلته تغوّلت على دور الفرد وتأخذ أكثر ممّا تعطي كذلك مطلب العدالة الاجتماعية في “عروة بن الورد” ليكون في أموال الأغنياء نصيب للفقراء.