حديثُ الروحْ للأرواحِ يسْرِي
وتدركهُ القلوبُ بِلا عناءِ
هَتفْتُ بهِ فطارَ بِلا جناحٍ
وشقَّ انينهُ صدرَ الفضاءِ
ومعدِنهُ تُرابيٌ ولكنْ
جرتْ في لفْظِهِ لغةُ السماءِ
لقدْ فاضتْ دموعُ العشقِ منِّي
حديثاً كانَ عُلويَ النداءِ
فحلّقَ في رُبى الأفلاكِ حتى
اهاجَ العالمَ الأعلىَ بُكائي
وجاوبتِ المجرّةُ علَّ طيفاً
سَرى بينَ الكواكبِ في خفاءِ
وقال البدرُ هذا قلبُ شاكٍ
يواصلُ شدواهُ عندَ المساءِ
ولمْ يعرفْ سِوىَ رضوانَ صوتي
وما أحْرَاهُ عندي بالوفاءِ
شكوايَ أمْ نجْوايَ في هذا الدُّجى
ونجومُ ليليِ حُسّدي أمْ عُوّدي
امْسَيتُ في الماضِي أعيشُ كأنَّما
قَطَعَ الزمانُ طريقَ أمْسِي عنْ غدي
والطيرُ صَادحةُ عَلَىَ افْنَانِها
تُبْكِي الرُبى بأنِينِها المتجددِ
قدْ طالَ تَسْهيِدِي وَطَالَ نشيدُها
وَمَدَامِعي كالطَّلِ في الغُصنِ النَّدِيِ
فإِلى مَتَىَ صَمْتي كَأنِّي زهْرةٌ
خَرْسآُ لمْ ترزقْ برَاعةَ مُنْشِدِ
قِيثَارتي مُلئتْ بِأنَّاتِ الجِوَىَ
لَاَ بُدَّ لِلْمَكبُوتِ مِنْ فَيَضَانِ
صَعَدَتْ إِلَىَ شَفَتِي خَوَاطِرُ مُهْجَتِيِ
لِيُبِيْنَ عَنْهَا منْطِقِي ولِساني
أَنَا مَاَ تَعَدَّيْتُ القَنَاعَةَ والرِضَا
لَكِنَّمَا هِيَ قِصَّةُ الأشْجَانِ
يَشْكُوْ لَكَ اللَّهمُّ قَلْبٌ لَمْ يَعِشْ
إلَّاَ لِحَمْدِ عُلاكَ فِيِ الأكْوَانِ
إذَا الأيِمَانُ ضَاعَ فَلَاَ أَماَنُ؛
وَلَاَ دُنْيَا لِمَنْ لَمْ يُحيِّ دِيْنَا
وَمَنْ رَضِيَ الحَيَاةَ بِغِيْرِ دِيْنٍ
فَقَدْ جَعَلَ الفَنَاءَ لَهَا قَرِيْنَا
وَفِيِ التَّوْحِيِدِ للْهِمَمِ اتِّحَادٌ
وَلَنْ تَبْنَوا العُلَىَ مُتَفَرِّقِيْنَا
ألَمْ يُبْعَثْ لِأُمَتِكُمْ نَبِيٌ
يُوَحِّدُكُمْ عَلَىَ نَهْجِ الوِئَامِ
وَمُصْحَفِكُمْ وَقِبْلَتِكُمْ جَمِيْعَاً
مَنَارٌ لِلْأُخُوَةِ والسَّلَامِ
وفوقَ الكلِّ رَحْمَنٌ رَحِيْمٌ
إلهٌ واحِدٌ .. رَبُّ الأنَامِ