انْطَفَأَ البحّارُ
وهاجرَ للملأ الأحلى
نامتْ في الحزنِ مراكبُهُ
غادر شاطئَهُ الأغلى
ردّد أهزوجَتَهُ الأولى
انطفأ البحّارْ
حين طفتْ فوقَ الماءِ سريرتُهُ
ذوّبَ في الماء مفاتِحَ خطوتِهِ
خالجه النومُ
فما اسطاعَ
بأنْ يروي عطشَ الوقتِ
وما وجد على الماء له مأوى
انطفأ البحارُ على السّاحلِ
والسّاحلُ يرتقبُ الآتِي
والبحّارُ يلوّحُ للـ”دّيسةِ”
وهْوَ يصارعُ موجته النشوى
نامت فوق وسادتهِ كلُّ مخاوفِ رغبتِهِ
انْطَفَأَ البحّارُ
وأشبع رفقته مسغبةً
لا تغني أبدًا، لا تسمنُ من جوعٍ
أيقظهم للصّلواتْ ..
ودّعهم في كلماتْ
قبّلهم بالرّوحِ
فسقطتْ بعض الغيماتْ
وذوتْ أجملُ ما يحمل من بسماتْ
لا نامت عينٌ للبحّارْ
سرقوا في الليلِ شراعَ سفينتِهِ
حينَ توارى خلفَ جدارْ
أو أسرجَ للغيمةِ ألفَ مدارْ
حينَ رأى غرباءَ لهم أحلامٌ
ورآهم ترسوبعض زوارقهم
مرتقبينَ هدوءَ الأسحارْ
حين رآهم في الفجرِ
يعيثون غَباءً في البحر بغير قرارْ
انطفأ البحّارُ
آوى لمكابرةٍ وسرابْ
انطفأ البحارُ
تحطّم مجدافُ حقيقتِهِ
أبحر من غير دليلٍ
فتسوّر في الماءِ مدينتهُ
وغشي المحرابْ
رتّلَ دمعته الحرّى في وجهِ الظّلماتْ:
“من عشق البحرَ
أضاع بهيّتَهُ في الصبح وغابْ
خبّأَ نجمته في الأفقِ وغابْ”
انطفأ البحارْ
وانطفأتْ روحُ البحّارْ
عاد غريقًا يتبعُهُ ألفُ حوارٍ وحوارْ
من قتلَ البحّارْ . .
من أطفأ شمسَ البحّارْ
من أغرق حلم البحّارْ ..
من أخرس صوت البحّارْ
من .. من .. من .. ؟
انطفأ البحّارُ وعاد حزينًا
وانطفأتْ أسئلة البحّارْ