إنه لمن حسن الصدف أن يصدر للشاعر والروائي مصطفى ملح ثلاث كتب إبداعية في وقت متقارب، وهو أمر لم يقصده الكاتب، وإنما قدر هذه المؤلفات الثلاثة أن ترى النور، مغادرة رَحِمَ المطبعة لتعلن عن ميلادها الرمزي؛ ميلاد الورق الأبيض مغمورا بعتمة المعنى.
رواية سيرة ابن العطار
لقد صدرت رواية (سيرة ابن العطار) عن مكتبة سلمى الثقافية في كانون الأول/ديسمبر 2023، وهي الرواية الفائزة بجائزة سلمى الثقافية لموسم 2022. والغلاف من تصميم الأستاذة عائشة بنسالم. والرواية من الحجم المتوسط، تتضمن ثلاثة عشر فصلا تشغل 256 صفحة. ونقرأ في التصدير: (لا ألبس ثوبا ولا أخلعه، لا أتمدّد ولا أنتصب، لا أجوع ولا أظمأ ولا أعرى. هذه صفات الجسد الآيل للفناء والاندثار. في هذا المكان أنا مجرّد روح خفيفة، بعدما تخلّصتُ، وبشكل لا رجعة فيه، من وطأة الجسد، وصرت عريا أنطولوجيّا. المكان ليس ضروريّا، لذلك فهو لا يعدو أن يكون أفقا مفتوحا في جغرافيا لا ضفاف لها… أنا سفيان بن إسماعيل العطّار. إن فشلت في أن أكون ذا بالٍ، فحسبي أنني وجود منعدم..). ومن الملاحظ أن الرواية تغوص في لاوعي الشخصيات التي تصطدم بواقع يحوّلها إلى أنصاف كائنات؛ فالشخصية الأولى سينقرض جسدها وتعيش بروحها فقط، بينما الثانية تغادر الواقع لتعيش في كهف محاولة التأقلم مع قوانين الوجود الجديدة.
رواية الحزام الناسف
كما صدرت رواية (الحزام الناسف) عن دار التوحيدي بدعم من وزارة الثقافة يناير 2024، والمتن يتشكل من 228 صفحة من الحجم المتوسط، في رواية (الحزام الناسف) جرح غائر في جسد الفتى شعيب، وفي روحه المكلومة كذلك. شعيب المنتسب إلى حي شعبي فقير عاش حياة ملؤها المرارة والبؤس والخصاصة. ولكنّ للقلب أحوالا لا تخضع لمقاييس الواقع، ذلك أنه أحب بنت الجيران. فتاة جميلة اسمها نعيمة.. شعيب المقهور المعذب لم يتوقف تفكيره لحظة واحدة. وفي خضم التفكير قصد مرقصا ليليا وأحدث بلبلة وضجة كبيرتين حينما أخبر الجميع بأنه يحمل حزاما ناسفا، وأنه لن يبرح المكان حتى يفجّر الجميع. وهو في الحقيقة لم يكن يحمل شيئا، وهذا لن يكتشفه القارئ إلا في نهاية الرواية. كان يخدع الجميع بالوعيد وتفجير الحزام، والهدف من ذلك حضور الشرطة والصحافة، وكتابة اسمه في الصفحات الأولى من الجرائد، وحديث الناس عنه في الشارع والتلفزيون.. منذ أول الليل إلى آخره حدث كل شيء. ستة من المحتجزين ماتوا، وثمانية ما زالوا على قيد الحياة. هل صار شعيب نجما مشهورا؟ في آخر الليل رمت فرقة التدخل السريع قنابل مسيلة للدموع، ثم اقتحم رجال الشرطة المرقص الليلي وتساءلوا: أين الإرهابي؟ لكنهم لم يجدوا إلا جثة فتى لا يحمل حزاما ناسفا. جثة ملقاة على الأرض…
رواية تصدر (قريبا من قوس قزح) للفتيان
وصدر للكاتب مصطفى ملح عملا ثالثا بدعم من وزارة الثقافة، متمثلا في رواية للفتيان موسومة بعنوان: (قريبا من قوس قزح) عن مكتبة سلمى الثقافية، والرواية تتشكل من 124 صفحة، والعلاف من تصميم الأستاذة عائشة بنسالم. ونشير إلى أن مصطفى ملح سبق له أن أصدر مجموعة من قصص الأطفال من بينها: (أعشاب تنمو في القلب) نشر سليكي أخوين، و(شموع لا تنطفئ) عن مؤسسة مقاربات، و(ما لم تقله شهرزاد) منشورات وزارة الثقافة، وسلسلتان تتضمنان عشرين كتيبا قصصيا عن دار القرويين. وجدير بالذكر أن رواية (قريبا من قوس قزح) تتضمن 18 فصلا وزعت كالآتي: (جدتي، موت أبي، كيف مات عمي، العروس المتمردة، نجاة بنت العطار، الكوخ يحترق، زواج أمي، عائشة وعدنان، الرحلة، يوسف، أتبعك إلى آخر الدنيا، البيضة الذهبية، البيت الكبير، حورية البحر، نجاح الخطة، الانتقام، عدالة السماء، قوس قزح). وتتمحور الرواية عن فتاة تنجح في الانتقام من أحد الإقطاعيين الذي أحرق بيت أمها وسلبها الأرض، وفي الرواية تمجيد لقيم البطولة والصبر وإيمان بتحقيق عدالة السماء.
تعليق واحد
نبارك للشاعر والروائي القدير المصطفى ملح هذه الإنجازات